الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: نُقِيمُ الْحُدُودَ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَحَاكَمَ إلَيْنَا أَهْلُ الْكِتَابِ وَرَضُوا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَتَرَافَعُوا فِي الزِّنَا وَأَقَرُّوا بِهِ رَجَمْنَا الثَّيِّبَ وَضَرَبْنَا الْبِكْرَ مِائَةً وَنَفَيْنَاهُ سَنَةً وَقَدْ «رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» وَهُوَ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: يَقُولُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} وَقَالَ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ. .
وَإِذَا وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ أُمِّهِ فَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لَمْ يُحَدَّ وَبِهِ يَأْخُذُوا عَلَيْهِ الْمَهْرَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَنَا أَسْمَعُ أَقَرَّ عِنْدِي رَجُلٌ أَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةَ أُمِّهِ فَقَالَ لَهُ وَطِئْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ أَوَطِئْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ أَوَطِئْتَهَا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُ الرَّابِعَةُ: وَطِئْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: فَأَمَرْت بِهِ فَجُلِدَ الْحَدُّ وَأَمَرْت الْجِلْوَازَ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ الْجِسْرِ نَفْيًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ أُمِّهِ وَقَالَ ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ لِي أُحْلِفَ مَا وَطِئَهَا إلَّا وَهُوَ يَرَاهَا حَلَالًا ثُمَّ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَأُغْرِمَ الْمَهْرَ فَإِنْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ وَطِئْتُهَا حُدَّ وَلَا يُقْبَلُ هَذَا إلَّا مِمَّنْ أَمْكَنَ فِيهِ أَنَّهُ يَجْهَلُ مِثْلَ هَذَا فَأَمَّا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ فَلَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَفَعَلْت وَلَا نُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِإِقْرَارِ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَالَ: وَطِئْت جَارِيَةَ أُمِّي فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ لِأَنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَكُونُ حَلَالًا وَحَرَامًا فَلَمْ يُقِرَّ هَذَا بِالزِّنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
اخْتِلَافُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَبْوَابُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْغُسْلِ فَقَالَ: اغْتَسَلَ كُلَّ يَوْمٍ إنْ شِئْت فَقَالَ: لَا الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ وَهُمْ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَاجِبًا، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ هَكَذَا يَقُولُونَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
بَابُ الْوُضُوءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ خُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «تَوَضَّأَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَغَسَلَ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّى رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ لَظَنَنْت أَنَّ بَاطِنَهُمَا أَحَقُّ»، أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ قَالَ: رَأَيْت عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ وَصَلَّى ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَكْتَلَ بْنِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إسْمَاعِيلَ عَنْ مَعْقِلٍ الْخَثْعَمِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute