بِقَبْضِهَا مَعَ الْعَشَرَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِهَا.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا فَرَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلٍ، وَقَالَ الرَّسُولُ: أَمَرْتنِي بِرَهْنِ الثَّوْبِ عِنْدَ فُلَانٍ بِعَشَرَةٍ فَرَهَنْته، وَقَالَ الْمُرْسِلُ: أَمَرْتُك أَنْ تَسْتَسْلِفَ مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةً بِغَيْرِ رَهْنٍ وَلَمْ آذَنْ لَك فِي رَهْنِ الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ: أَمَرْتُك بِأَخْذِ عَشَرَةٍ سَلَفًا فِي عَبْدِي فُلَانٍ، وَقَالَ الرَّسُولُ: بَلْ فِي ثَوْبِك هَذَا أَوْ عَبْدِك هَذَا الْعَبْدُ غَيْرُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ، وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ وَلَا رَهْنَ فِيمَا رَهَنَ بِهِ الرَّسُولُ وَلَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَا فِيهِ رَهْنًا وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ الثَّوْبَ أَوْ الْعَبْدَ الَّذِي أَقَرَّ الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَهْنِهِ كَانَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا وَالثَّوْبُ الَّذِي أَنْكَرَ الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَهْنِهِ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْآمِرَ أَمَرَ بِرَهْنِ الثَّوْبِ وَأَقَامَ الْآمِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَمَرَ بِرَهْنِ الْعَبْدِ دُونَ الثَّوْبِ وَلَمْ يَرْهَنْ الْمَأْمُورُ الْعَبْدَ أَوْ أَنَّهُ نَهَى عَنْ رَهْنِ الثَّوْبِ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ وَأَجَزْتُ لَهُ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ رَهْنًا لِأَنِّي إذَا جَعَلْتُ بَيْنَهُمَا صَادِقَةً مَعًا، لَمْ تُكَذِّبْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ بِأَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ أُكْرِهَ بِرَهْنِهِ قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً بِلَا تَكْذِيبٍ لِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ رَهْنِهِ وَلَا أَنَّهُ أَمَرَ بِرَهْنِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْهَى عَنْ رَهْنِهِ بَعْدَ مَا يَأْذَنُ فِيهِ وَيَرْهَنُ فَلَا يَنْفَسِخُ ذَلِكَ الرَّهْنُ وَيُنْهَى عَنْ رَهْنِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَ ثُمَّ يَأْذَنُ فِيهِ، فَإِذَا رَهَنَهُ فَلَا يُفْسَخُ ذَلِكَ الرَّهْنُ، فَإِذَا كَانَتَا صَادِقَتَيْنِ بِحَالٍ لَمْ يُحْكَمْ لَهُمَا حُكْمُ الْمُتَضَادَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا تَكُونَانِ أَبَدًا إلَّا وَإِحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ.
شَرْطُ ضَمَانِ الرَّهْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَبْدًا بِمِائَةٍ وَوَضَعَ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَدَثَ فِي الرَّهْنِ حَدَثٌ يُنْقِصُ ثَمَنَهُ مِنْ الْمِائَةِ، أَوْ فَاتَ الرَّهْنُ أَوْ تَلِفَ فَالْمِائَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ مَا نَقَصَ الرَّهْنُ مَضْمُونٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ رَهْنَهُ أَوْ يَضْمَنَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَا نَقَصَ الرَّهْنُ كَانَ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَاقِطًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الضَّمَانُ إلَّا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّهْنَ إنْ وَفَّى لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِشَيْءٍ وَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ فِي شَرْطِهِ فَيَضْمَنُ مَرَّةً دِينَارًا وَمَرَّةً مِائَتَيْ دِينَارٍ وَمَرَّةً مِائَةً وَهَذَا ضَمَانٌ مَرَّةً وَلَا ضَمَانُ أُخْرَى وَضَمَانٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يَجُوزُ الضَّمَانُ حَتَّى يَكُونَ بِأَمْرٍ مَعْلُومٍ، وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا رَهْنًا بِمِائَةٍ وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ الْمِائَةَ عَنْ الرَّاهِنِ كَانَ الضَّمَانُ لَهُ لَازِمًا، وَكَانَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِضَمَانِهِ دُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَقِيلَ يُبَاعُ الرَّهْنُ، وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ إلَى أَجَلٍ فَزَادَهُ فِي الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ رَهْنًا فَرَهَنَهُ إيَّاهُ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ وَالدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ الْأَوَّلِ.
تَدَاعِي الرَّاهِنِ وَوَرَثَةُ الْمُرْتَهِنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ فِي الرَّهْنِ شَيْئًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ حَيًّا فَاخْتَلَفَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ وَرَثَةِ الرَّاهِنِ، وَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ فَادَّعَى الرَّاهِنُ أَوْ وَرَثَتُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ اقْتَضَى حَقَّهُ أَوْ بَرَّأَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ إذَا عَرَفَ لِرَجُلٍ حَقًّا أَبَدًا فَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِبْرَاءِ صَاحِبِ الْحَقِّ لَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute