للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الْوَلَاءِ وَالْحَلِفِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُنْسَبَ مَنْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ النَّاسِ نَسَبَيْنِ مَنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَنْ يُنْسَبَ إلَى أَبِيهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَلْيُنْسَبْ إلَى مَوَالِيهِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَا أَبٍ وَلَهُ مَوَالٍ فَيُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ وَمَوَالِيهِ وَأُولَى نَسَبَيْهِ أَنْ يُبْدَأَ بِهِ أَبُوهُ وَأَمَرَ أَنْ يُنْسَبُوا إلَى الْأُخُوَّةُ فِي الدِّينِ مَعَ الْوَلَاءِ، وَكَذَلِكَ يُنْسَبُونَ إلَيْهَا مَعَ النَّسَبِ وَالْإِخْوَةُ فِي الدِّينِ لَيْسَتْ بِنَسَبٍ إنَّمَا هُوَ صِفَةٌ تَقَعُ عَلَى الْمَرْءِ بِدُخُولِهِ فِي الدِّينِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَالنَّسَبُ إلَى الْوَلَاءِ وَالْآبَاءِ إذَا ثَبَتَ لَمْ يُزِلْهُ الْمَوْلَى مِنْ فَوْقٍ، وَلَا مِنْ أَسْفَلَ، وَلَا الْأَبُ، وَلَا الْوَلَدُ وَالنَّسَبُ اسْمٌ جَامِعٌ لَمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيُنْسَبُ الرَّجُلُ إلَى الْعِلْمِ وَإِلَى الْجَهْلِ وَإِلَى الصِّنَاعَةِ وَإِلَى التِّجَارَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ نَسَبٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِهِ وَتَرْكِهِ الْفِعْلَ وَكَانَ مِنْهُمْ صِنْفٌ ثَالِثٌ لَا آبَاءَ لَهُمْ يُعْرَفُونَ، وَلَا وَلَاءَ فَنُسِبُوا إلَى عُبُودِيَّةِ اللَّهِ وَإِلَى أَدْيَانِهِمْ وَصِنَاعَاتِهِمْ، وَأَصْلُ مَا قُلْت مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} وَقَالَ: عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} وَقَالَ: تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ - قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} وَقَالَ: عَزَّ وَجَلَّ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا - إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} وَقَالَ: تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} فَمَيَّزَ

<<  <  ج: ص:  >  >>