للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّهِ نَقُولُ وَخَالَفْتُمْ هَذَا كُلَّهُ وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ عِنْدَكُمْ الْعَمَلُ لِأَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجُلَيْنِ مِنْ التَّابِعِينَ أَحَدُهُمَا أَسَنُّ مِنْ الْآخَرِ وَقُلْتُمْ لَا يَجُوزُ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ رِحْلَتُهُمَا وَنَجَابَتُهُمَا فَيَجُوزَ فَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهَا قِيَاسًا عَلَى التَّمْرِ بِالتَّمْرِ فَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ إلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ التَّمْرَيْنِ خَيْرًا مِنْ الْآخَرِ وَلَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ بَعْضَ الْحَيَوَانِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً فَلَمْ تَتَّبِعُوا فِيهِ مَنْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ إجَازَتَهُ مِمَّنْ سَمَّيْت وَلَمْ تَجْعَلُوهُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَقُلْتُمْ فِيهِ قَوْلًا مُتَنَاقِضًا خَارِجًا مِنْ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ لَعَمْرِي إنْ حَرُمَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ مِثْلِهِ فِي الرِّحْلَةِ وَالنَّجَابَةِ مَا يَعْدُو أَنْ يَحْرُمَ خَبَرًا وَالْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى إحْلَالِهِ وَقَدْ خَالَفْتُمُوهُ وَلَوْ حَرَّمْتُمُوهُ قِيَاسًا عَلَى مَا الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضِ الرِّبَا لَقَدْ خَالَفْتُمْ الْقِيَاسَ وَأَجَزْتُمْ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ يَجُوزُ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قَوْلَكُمْ وَإِنَّ عَامَّةَ الْمُفْتِينَ بِمَكَّةَ وَالْأَمْصَارِ لَعَلَى خِلَافِ قَوْلِكُمْ وَإِنَّ قَوْلَكُمْ لَخَارِجٌ مِنْ الْآثَارِ يُخَالِفُهَا كُلَّهَا مَا رَوَيْتُمْ مِنْهَا وَرَوَى غَيْرُكُمْ خَارِجٌ مِنْ الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ فَكَيْفَ جَازَ لِأَحَدٍ قَوْلٌ يُسْتَدْرَكُ فِيهِ مَا وَصَفْت ثُمَّ لَا يُسْتَدْرَكُ فِي قَلِيلٍ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ فِي كَثِيرٍ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: خَرَجْت مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ فَسَأَلْت عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ ثُمَّ لِتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَيْهَا الْهَدْيُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ فَرَكِبْت حَتَّى أَتَيْت مَكَّةَ فَسَأَلْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا: عَلَيْك هَدْيٌ فَلَمَّا قَدِمْت الْمَدِينَةَ سَأَلْت فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ مِنْ حَيْثُ عَجَزْت فَمَشَيْت مَرَّةً أُخْرَى (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَرَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَمْشِيَ وَرَوَيْتُمْ ذَلِكَ عَمَّنْ سَأَلَ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ تَرْوُوا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِهَدْيٍ فَخَالَفْتُمْ فِي أَمْرِهَا بِهَدْيٍ وَهَذَا عِنْدَكُمْ إجْمَاعٌ بِالْمَدِينَةِ وَرَوَيْتُمْ أَنَّ عَطَاءً وَغَيْرَهُ أَمَرُوهُ بِهَدْيٍ وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِمَشْيٍ فَخَالَفَ فِي رِوَايَةِ نَفْسِهِ عَطَاءً وَابْنَ عُمَرَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَلَا أَدْرِي أَيْنَ الْعَمَلُ الَّذِي تَدَّعُونَ مِنْ قَوْلِكُمْ وَلَا أَيْنَ الْإِجْمَاعُ مِنْهُ هَذَا خِلَافُهُمَا فِيمَا رَوَيْتُمْ وَخِلَافُ رِوَايَةِ غَيْرِكُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ يَمْشِي مَا رَكِبَ حَتَّى يَكُونَ بِالْمَشْيِ كُلِّهِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَوْدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ مَكَانَ رُكُوبِهِ وَإِمَّا أَنْ يَمْشِيَ وَيُهْدِيَ فَقَدْ كَلَّفَهُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الْكَفَّارَاتِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَوَكَّدَهَا فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَخَالَفْتُمْ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُمْ: التَّوْكِيدُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ يُجْزِيهِ فِيهِ إطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ نَرَاكُمْ تَسْتَوْحِشُونَ مِنْ خِلَافِ ابْنِ عُمَرَ بِحَالٍ وَمَا نَعْرِفُ لَكُمْ مَذْهَبًا غَيْرَ أَنَّا رَأَيْنَاكُمْ إذَا وَافَقْتُمْ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ قُلْتُمْ: هُمْ أَشَدُّ تَقَدُّمًا فِي الْعِلْمِ وَأَحْدَثُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ عَهْدًا فَأَحْرَى أَنْ لَا نَقُولَ إلَّا بِمَا يَعْمَلُونَ وَأَئِمَّتُنَا الْمُقْتَدَى بِهِمْ فَكَيْفَ تُخَالِفُونَهُمْ وَعَظَّمْتُمْ خِلَافَهُمْ غَايَةَ التَّعْظِيمِ وَلَعَلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ مِمَّنْ عِبْتُمْ عَلَيْهِ خِلَافَ مَنْ وَافَقَكُمْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ خِلَافَهُ لِأَنَّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مِثْلِهِمْ لَمْ تَعْرِفُوهُ لِضِيقٍ عَلَيْكُمْ ثُمَّ تُخَالِفُونَهُمْ لِغَيْرِ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ مِثْلِهِمْ وَلَا يَسْمَعُ رِوَايَتَكُمْ وَتَتْرُكُونَ مَا شِئْتُمْ لِغَيْرِ حُجَّةٍ فِيمَا أَخَذْتُمْ وَلَا مَا تَرَكْتُمْ وَمَا صَنَعْتُمْ مِنْ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ لِغَيْرِكُمْ عِنْدَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>