فِيهَا حُكُومَةٌ لَا يَبْلُغُ بِهَا بِحَالٍ قَدْرَ مُوضِحَةٍ وَإِنْ كَانَ الشَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مُوضِحَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَقَّتَ فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ الْخَمْسُ فِيمَا هُوَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَكُلُّ جُرْحٍ عَدَا الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ إلَّا الْجَائِفَةُ فَقَطْ. .
الْجَائِفَةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَسْت أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» وَبِهَذَا نَقُولُ وَفِي الْجَائِفَةِ الثُّلُثُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَطْنِ أَوْ فِي الصَّدْرِ أَوْ فِي الظَّهْرِ إذَا وَصَلَتْ الطَّعْنَةُ أَوْ الْجِنَايَةُ مَا كَانَتْ إلَى الْجَوْفِ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ كَانَتْ مِنْ جَنْبٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ فَفِيهَا ثُلُثُ دِيَةِ النَّفْسِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَثُلُثٌ. وَلَوْ طُعِنَ فِي وَرِكِهِ فَجَافَتْهُ كَانَتْ فِيهَا جَائِفَةٌ. وَلَوْ طُعِنَ فِي ثُغْرَةُ نَحْرِهِ فَجَافَتْهُ كَانَتْ فِيهَا جَائِفَةٌ. وَلَوْ طُعِنَ فِي فَخِذِهِ فَمَضَتْ الطَّعْنَةُ حَتَّى جَافَتْهُ كَانَتْ فِيهَا جَائِفَةٌ وَحُكُومَةٌ بِزِيَادَةِ الطَّعْنَةِ فِي الْفَخِذِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ جَمَعَتْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا لَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فِي رَأْسِهِ فَمَضَتْ فِي رَقَبَتِهِ كَانَتْ فِيهَا مُوضِحَةٌ وَحُكُومَةٌ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي مَوْضِعِ الْجُرْحَيْنِ. وَلَوْ طَعَنَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي حَلْقِهِ أَوْ فِي مَرِيئِهِ فَخَرَقَهُ كَانَتْ فِيهَا جَائِفَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ.
، وَكَذَلِكَ لَوْ طَعَنَهُ فِي الشَّرَجِ فَخَرَقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ. .
مَا لَا يَكُونُ جَائِفَةً
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً عَدَتْ عَلَى امْرَأَةٍ عَذْرَاءَ فَافْتَضَّتْهَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَيْهَا مَا نَقَصَهَا ذَهَابُ الْعُذْرَةِ. وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهَا حُكُومَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى: فَيُقَالُ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ أَمَةً تَسْوَى خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ كَمْ يُنْقِصُهَا ذَهَابُ الْعُذْرَةِ فِي الْقِيمَةِ؟ فَإِنْ قِيلَ: الْعُشْرُ، كَانَتْ عَلَيْهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ قِيلَ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ، كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَضَّهَا رَجُلٌ بِأُصْبُعِهِ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ فَرْجِهِ فَإِنْ افْتَضَّهَا بِفَرْجِهِ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَحُكُومَةٌ عَلَى مَا وَصَفْت لَا تَدْخُلُ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَصَابَهَا ثَيِّبًا كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا عِوَضًا مِنْ الْجِمَاعِ الَّذِي لَمْ تَكُنْ هِيَ بِهِ زَانِيَةً وَلَا تُبْطِلُ الْمَعْصِيَةُ عَنْهُ الْجِنَايَةَ إذَا كَانَتْ مَعَ الْجِمَاعِ وَلَوْ افْتَضَّهَا فَأَفْضَاهَا أَوْ أَفْضَاهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ كَانَتْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ افْتَضَّتْهَا امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ يَعُودُ بِلَا جِمَاعٍ كَانَتْ عَلَيْهِمَا دِيَتُهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَعْنَى الْجَائِفَةِ بِسَبِيلٍ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَدْخَلَتْ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ أَوْ دُبُرِهَا عُودًا أَوْ عَصَرَتْ بَطْنَهَا فَخَرَجَ مِنْهَا خَلَاءٌ أَوْ مِنْ فَرْجِهَا دَمٌ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي مَعَانِي الْجَائِفَةِ وَتُعَزَّرُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَنَعَ هَذَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ وَهَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ فِي حَلْقِهِ أَوْ حَلْقِ امْرَأَةٍ شَيْئًا حَتَّى يَصِلَ إلَى جَوْفِهِ عُزِّرَ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَا فِي الْجَائِفَةِ، وَلَوْ كَانَتْ بِرَجُلٍ جَائِفَةٌ فَأَدْخَلَ رَجُلٌ فِيهَا أُصْبُعَهُ أَوْ عَصَا أَوْ جَرِيدًا حَتَّى وَصَلَتْ إلَى الْجَوْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَادَ فِي الْجَائِفَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَرْشٌ وَإِنْ كَانَ زَادَ فِيهَا ضَمِنَ مَا زَادَ وَإِنْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ جَائِفَتَهُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنَايَتِهِ، ثُمَّ شَقَّ فِي بَطْنِهِ شَقًّا إلَى الْجَوْفِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ، وَإِنْ شَقَّ مَا لَا يَبْلُغُ إلَى الْجَوْفِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ نَكَأَ فِي الْجَوْفِ شَيْئًا فَفِيهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ خَرَقَ بِالسِّكِّينِ الْأَمْعَاءَ ضَمِنَ النَّفْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute