نَكَحَهَا جَازَ هَذَا بَعْدَ طَلَاقِ الثَّلَاثِ وَزَوْجٍ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا يُكَفِّرُ إذَا أَصَابَهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً قَبْلَ الزَّوْجِ.
وَهَكَذَا الظِّهَارُ مِثْلُ الْإِيلَاءِ لَا يَخْتَلِفَانِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ الثَّلَاثِ شَيْءٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا بَانَتْ امْرَأَةُ المتظهر مِنْهُ وَلَمْ يَحْبِسْهَا بَعْدَ الظِّهَارِ سَاعَةً ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا
لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ التظهر لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْمِلْكِ الَّذِي تَظَهَّرَ مِنْهَا كَفَّارَةٌ وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ التظهر سَاعَةً ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ لَزِمَهُ التظهر لِأَنَّهُ قَدْ عَادَ لِمَا قَالَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصِيبُ غَيْرَ امْرَأَتِهِ فَأَصَابَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مَعَ الْمَأْثَمِ بِالزِّنَا.
إيلَاءُ الْحُرِّ مِنْ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُشْرِكِينَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِيلَاءُ الْحُرِّ مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ سَوَاءٌ فَإِنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا سَقَطَ الْإِيلَاءُ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا أَمَةً أَوْ حُرَّةً لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ مِلْكَهُ هَذَا غَيْرُ الْمِلْكِ الَّذِي آلَى فِيهِ وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَتَمْلِكُهُ سَقَطَ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ عَتَقَ فَنَكَحَهَا أَوْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهَا فَنَكَحَهَا لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ وَلَوْ أَنَّ الْحُرَّ الْمُشْتَرِيَ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ بَعْدَ الْإِيلَاءِ مِنْهَا أَصَابَهَا بِالْمِلْكِ كَفَّرَ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَقْفٌ إذَا كَانَتْ إصَابَتُهُ بِالْمِلْكِ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْإِيلَاءَ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ حَنِثَ بِهِ مَرَّةً وَلَوْ كَانَ قَدْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَنْتِ زَوْجَةٌ لِي ثُمَّ مَلَكَهَا فَأَصَابَهَا بِالْمِلْكِ لَمْ يَحْنَثْ وَمَتَى نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا غَيْرَ النِّكَاحِ الَّذِي آلَى فِيهِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ، وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَمْلِكُهُ ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا أَمَةً فَارْتَدَّتْ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ ثُمَّ نَكَحَتْهُ بَعْدُ لَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ إذَا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ النِّكَاحِ الَّذِي آلَى مِنْهُ (قَالَ): وَإِذَا حَلَفَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ أَوْ بِمَا لَزِمَهُ فِيهِ يَمِينٌ مِنْ تَبَرُّرٍ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ حَلَفَ بِكُلِّ شَيْءٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ بِعِتْقِ مَمَالِيكِهِ أَوْ صَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ، وَلَوْ حَلَفَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِصَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ لَهُ مَا كَسَبَ فِي يَوْمِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْإِيلَاءِ إذَا حَاكَمَ إلَيْنَا لِأَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ يَلْزَمُهُ وَطَلَاقَهُ كَطَلَاقِ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِينِ مَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَصَابَ امْرَأَتَهُ أَلْزَمْنَاهُ الْإِيلَاءَ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ فِيهِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ تَبَرُّرًا أَلْزَمْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ فِيهِ فِي حَالِهِ تِلْكَ فَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُ وَفَرْضُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ وَاحِدٌ.
فَإِنْ قِيلَ هُوَ إنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يُكَفَّرْ عَنْهُ؟ قِيلَ: وَهَكَذَا إنْ حُدَّ فِي زِنًا لَمْ يُكَفَّرْ بِالْحَدِّ عَنْهُ وَالْحُدُودُ لِلْمُسْلِمِينَ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَنَحْنُ نَحُدُّهُ إذَا زَنَى وَأَتَانَا رَاضِيًا بِحُكْمِنَا، وَحُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَدَدْنَاهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
الْإِيلَاءُ بِالْأَلْسِنَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إذَا كَانَ لِسَانُ الرَّجُلِ غَيْرَ لِسَانِ الْعَرَبِ فَآلَى بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُولٍ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةٍ تَحْتَمِلُ الْإِيلَاءَ وَغَيْرَهُ كَانَ كَالْعَرَبِيِّ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ وَتَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ لَيْسَ ظَاهِرُهُمَا الْإِيلَاءَ فَيُسْأَلُ