للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُومَ الْوَارِثُ مَقَامَ الْأَبِ فَيُنْفِقَ عَلَى الْأُمِّ إذَا أَرْضَعَتْهُ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْأُمِّ مِنْ رَضَاعِهِ شَيْءٌ لَوْ اسْتَرْضَعَتْهُ أُخْرَى وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَفَقَةَ الْمُطَلَّقَاتِ ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ وَجَاءَتْ السُّنَّةُ مِنْ ذَلِكَ بِنَفَقَةٍ وَغَرَامَاتٍ تَلْزَمُ النَّاسَ لَيْسَ فِيهَا أَنْ يَلْزَمَ الْوَارِثَ نَفَقَةُ الصَّبِيِّ وَكُلُّ امْرِئٍ مَالِكٌ لِمَالِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ فِيهِ مَا لَزِمَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ أَمْرٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَأَمَّا أَنْ نُلْزِمَهُ فِي مَالِهِ مَا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَا فَلَا يَجُوزُ لَنَا فَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ كَمَا وَصَفْنَا فَنَحْنُ لَمْ نُخَالِفْ مِنْهُ حَرْفًا وَإِنْ كَانَ كَمَا وَصَفْت فَقَدْ خَالَفْته خِلَافًا بَيِّنًا.

جِمَاعُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الْآيَةُ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فَجَعَلَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ حُقُوقًا بَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُفَسَّرَةً وَمُجْمَلَةً فَفَهِمَهَا الْعَرَبُ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِلِسَانِهِمْ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ مِنْ مَعَانِي كَلَامِهِمْ وَقَدْ وَضَعْنَا بَعْضَ مَا حَضَرَنَا مِنْهَا فِي مَوَاضِعِهِ، وَاَللَّهَ نَسْأَلُ الرُّشْدَ وَالتَّوْفِيقَ وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ فِي أَمْرِهِ بِالْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّوْجُ إلَى زَوْجَتِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَتَرْكِ مَيْلٍ ظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ جَلَّ وَعَزَّ {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ إتْيَانُ ذَلِكَ بِمَا يَحْسُنُ لَك ثَوَابُهُ وَكَفُّ الْمَكْرُوهِ.

النَّفَقَةُ عَلَى النِّسَاءِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} إِلَى {تَعُولُوا} وَقَوْلُ اللَّهِ {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} يَدُلُّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ، وَقَوْلُهُ {أَلا تَعُولُوا} أَنْ لَا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَ إذَا اقْتَصَرَ الْمَرْءُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ «إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ لِي مِنْهُ إلَّا مَا يُدْخِلُ عَلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُذْ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِك قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِك قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِك قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ» قَالَ سَعِيدُ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ إذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ وَلَدُك أَنْفِقْ

<<  <  ج: ص:  >  >>