للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِامْتِنَاعُ مِنْ الْيَمِينِ وَكَيْفَ الْيَمِينُ؟

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَنْ كَانَتْ لَهُ الْيَمِينُ عَلَى حَقٍّ مَعَ شَاهِدٍ قِيلَ لَهُ إنْ حَلَفْتَ اسْتَحْقَقْتَ، وَإِنْ امْتَنَعْت مِنْ الْيَمِينِ سَأَلْنَاك لِمَ تَمْتَنِعُ؟ فَإِنْ قُلْت لِآتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ تَرَكْنَاك حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ فَتَأْخُذَ حَقَّك بِلَا يَمِينٍ أَوْ لَا تَأْتِيَ بِهِ فَنَقُولَ احْلِفْ، وَخُذْ حَقَّك، وَإِنْ امْتَنَعْت بِغَيْرِ أَنْ تَأْتِيَ بِشَاهِدٍ أَوْ تَنْظُرَ فِي كِتَابٍ لَك أَوْ لِاسْتِثْبَاتٍ أَبْطَلْنَا حَقَّك فِي الْيَمِينِ، وَإِنْ طَلَبْت الْيَمِينَ بَعْدَهَا لَمْ نُعْطِكهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى بِإِبْطَالِهَا، وَإِنْ جِئْت بِشَاهِدٍ آخَرَ أَعْطَيْنَاك بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَبْطَلْنَا حَقَّك فِي الْيَمِينِ لَا فِي الشَّاهِدِ الْآخَرِ، وَلَا الْأَوَّلِ قَالَ فَإِنْ قَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ مُعَامَلَةٌ أَوْ قَدْ حَضَرَنِي، وَإِيَّاهُ مَنْ أَثِقُ بِهِ فَأَسْأَلُهُ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ، وَلَمْ أَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ أَبَى أَبْطَلْتُ حَقَّهُ فِي الْيَمِينِ فَمَتَى طَلَبَ الْيَمِينَ بَعْدُ لَمْ أُعْطِهَا إيَّاهُ لِأَنِّي قَدْ أَبْطَلْتهَا، وَمَتَى جَاءَ بِشَاهِدٍ آخَرَ أَعْطَيْته بِهِمَا لِأَنِّي لَمْ أُبْطِلْ الشَّاهِدَ إنَّمَا أَبْطَلْت الْحَقَّ فِي الْيَمِينِ (قَالَ): وَإِذَا كَانَ الْحَقُّ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهَا أَوْ دَمًا أَوْ جِرَاحَةَ عَمْدٍ فِيهَا قَوَدٌ مَا كَانَتْ أَوْ حَدًّا أَوْ طَلَاقًا حَلَفَ الْحَالِفُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ فَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَعَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفِي مَسْجِدِهَا أَوْ بِبَلَدٍ فَفِي مَسْجِدِهِ، وَأُحِبُّ لَوْ حَلَفَ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَقَدْ كَانَ مِنْ حُكَّامِ الْآفَاقِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْمُصْحَفِ، وَذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ قِيمَتِهَا أَوْ كَانَتْ جِرَاحَةَ خَطَأٍ أَرْشُهَا أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ أُحْلِفَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَجْلِسِ الْحُكَّامِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَتَوْقِيتُ عِشْرِينَ دِينَارًا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمَكِّيِّينَ وَحُكَّامِهِمْ

فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ حَلَفَ " بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَيْك، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا، وَيَصِفُهُ لَحَقٌّ كَمَا شَهِدَ بِهِ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَثَابِتٌ لِي عَلَيْك مَا قَبَضْته مِنْك، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا اقْتَضَاهُ لِي مُقْتَضٍ بِأَمْرِي، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا بِغَيْرِ أَمْرِي فَوَصَلَ إلَيَّ وَلَا أَبْرَأْتُك مِنْهُ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا أَحَلْتنِي بِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أَحَلْتُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا بَرِئْتُ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَا صِرْتُ إلَى مَا يُبَرِّئُك مِنْهُ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَى يَوْمِ حَلَفْتُ يَمِينِي هَذِهِ فَإِنْ كَانَ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ شَيْءٍ حَلَفَ بِمَا وَصَفْت فَإِذَا انْتَهَى إلَى قَوْلِهِ مَا اقْتَضَيْته، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا اقْتَضَاهُ لِي مُقْتَضٍ بِأَمْرِي، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا اقْتَضَاهُ لِي مُقْتَضٍ بِأَمْرِي، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا وَصَلَ إلَيَّ، وَلَا إلَى غَيْرِي بِأَمْرِي، وَلَا كَانَ مِنِّي فِيهِ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا يَكُونُ لَك بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ ثُمَّ تُنْسَقُ الْيَمِينُ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى دَارٍ لَهُ فِي يَدَيْهِ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَلَفَ كَمَا وَصَفْت. وَقَالَ " إنَّ الدَّارَ الَّتِي كَذَا، وَيَحُدُّهَا لَدَارِي مَا بِعْتُكهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا وَهَبْتهَا لَك، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيْك، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا عَلَى غَيْرِك مِمَّنْ صَيَّرَهَا إلَيْك مِنِّي، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَإِنَّهَا لَفِي مِلْكِي مَا خَرَجَتْ مِنِّي، وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا إلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أُخْرِجُهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا إلَيْك " وَإِنَّمَا أَحَلَفْتَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِسَبَبِ الْمُحَلَّفِ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْرِجُهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَخْرُجُ ذَلِكَ إلَى الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ ذِمِّيًّا أُحْلِفَ " بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْظُمُ الْيَمِينُ بِهِ مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَقٌّ، وَلَيْسَ بِبَاطِلٍ، وَلَا يَحْلِفُ بِمَا يَعْظُمُ إذَا جَهِلْنَاهُ، وَيَحْضُرُهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ مَنْ يَتَوَقَّى هُوَ مَحْضَرَهُ إنْ كَانَ حَانِثًا لِيَكُونَ أَشَدَّ لِتَحَفُّظِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِمَيِّتٍ فَوَرِثَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>