للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَفَ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّرَاءَةِ وَالْمُسَلِّفُ مُتَطَوِّعٌ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ جُبْنٌ عَتِيقٌ، وَلَا قَدِيمٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَتِيقِ وَالْقَدِيمِ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَكَذَلِكَ آخِرُهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي اسْمِ الْعَتِيقِ فَازْدَادَتْ اللَّيَالِي مُرُورًا عَلَيْهِ كَانَ نَقْصًا لَهُ كَمَا وَصَفْنَا قَبْلَهُ فِي حُمُوضَةِ اللَّبَنِ وَكُلُّ مَا كَانَ عَيْبًا فِي الْجُبْنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ إفْرَاطِ مِلْحٍ أَوْ حُمُوضَةِ طَعْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي.

السَّلَفُ فِي اللِّبَأِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي اللِّبَأِ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا مَوْزُونًا، وَلَا يَجُوزُ مَكِيلًا مِنْ قَبْلِ تَكَبُّسِهِ وَتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي اللَّبَنِ وَالْجُبْنِ يَصِفُ مَاعِزًا أَوْ ضَائِنًا أَوْ بَقَرًا أَوْ طَرِيًّا فَيَكُونُ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّرَاءَةِ وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُتَطَوِّعًا بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ غَيْرَ الطَّرِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْت غَيْرُ مَحْدُودِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَالتَّزَيُّدُ فِي الْبُعْدِ مِنْ الطَّرَاءَةِ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي.

الصُّوفُ وَالشَّعْرُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي صُوفِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا، وَلَا شَعْرِهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَأْتِي الْآفَةُ عَلَيْهِ فَتُذْهِبُهُ أَوْ تُنْقِصُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ وَقَدْ يَفْسُدُ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ هَذَا، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي أَلْبَانِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا، وَلَا زُبْدِهَا، وَلَا سَمْنِهَا، وَلَا لِبَئِهَا، وَلَا جُبْنِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْآفَةَ تَأْتِي عَلَيْهَا فَتُهْلِكُهَا فَيَنْقَطِعُ مَا أَسْلَفَ فِيهِ مِنْهَا وَتَأْتِي عَلَيْهَا بِغَيْرِ هَلَاكِهَا فَتَقْطَعُ مَا يَكُونُ مِنْهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْهَا أَوْ تُنْقِصُهُ وَكَذَلِكَ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ حُلِبَتْ لَك حِينَ تَشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّ الْآفَةَ تَأْتِي عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَذَلِكَ أَنَّا لَوْ أَجَزْنَا هَذَا فَجَاءَتْ الْآفَةُ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يَقْطَعُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْهَا أَوْ بَعْضَهُ فَرَدَدْنَاهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَفَهُ فِيهَا كُنَّا ظَلَمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعُ صِفَةٍ مِنْ غَنَمٍ بِعَيْنِهَا فَحَوَّلْنَاهَا إلَى غَنَمٍ غَيْرِهَا وَهُوَ لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا فَهَلَكَتْ لَمْ نُحَوِّلْهُ إلَى غَيْرِهَا وَلَوْ لَمْ نُحَوِّلْهُ إلَى غَيْرِهَا كُنَّا أَجَزْنَا أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَ عَيْنٍ بِعَيْنِهَا وَغَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ بِصِفَةٍ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ مَتَى حَلَّ عَلَيْهِ فَأَجَزْنَا فِي بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَيْسَ مِنْهَا، إنَّمَا بُيُوعُ الْمُسْلِمِينَ بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَوْ صِفَةٍ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إلَى الْمُشْتَرِي (قَالَ): وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْلِمَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا فِي حِنْطَةِ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا لِمَا وَصَفْت مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ كَانَ لَبَنُ الْمَاشِيَةِ وَنَسْلُهَا كُلُّهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تُصِيبُهَا الْآفَاتُ كَمَا تُصِيبُ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ وَكَانَتْ الْآفَاتُ إلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَالَاتِ أَسْرَعَ (قَالَ): وَهَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ سِلْكٍ فِي عَيْنٍ بِعَيْنِهَا تُقْطَعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَفِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ مَحَلُّهُ مَوْجُودًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ بِحَالٍ فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَوْصُولٍ إلَى أَدَائِهِ، فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>