الْحَوَالَةُ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ إمْلَاءً قَالَ وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - مَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا أَحَالَ الرَّجُلَ عَلَى الرَّجُلِ بِحَقٍّ لَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَبَدًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ فِيهِ؟ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا فِي هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَقْوِيَةِ قَوْلِك؟ قِيلَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ الْمُحَالُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا هَلْ يَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَى مَنْ أُحِيلَ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ أُحِيلَ عَلَى مُفْلِسٍ وَكَانَ حَقُّهُ نَائِبًا عَنْ الْمُحِيلِ هَلْ كَانَ يَزْدَادُ بِذَلِكَ إلَّا خَيْرًا، إنْ أَيْسَرَ الْمُفْلِسُ وَإِلَّا فَحَقُّهُ حَيْثُ كَانَ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا.
أَمَّا قَوْلُنَا إذَا بَرِئْت مِنْ حَقِّك وَضَمِنَهُ غَيْرَى فَالْبَرَاءَةُ لَا تَرْجِعُ إلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً وَإِمَّا لَا تَكُونُ الْحَوَالَةُ جَائِزَةً فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ أَكُونَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِك إذَا أَحَلْتُك لَوْ حَلَفْت وَحَلَفْت مَا لَك عَلَيَّ حَقٌّ بَرَرْنَا فَإِنْ أَفْلَسَ عُدْت عَلَيَّ بِشَيْءٍ بَعْدَ أَنْ بَرِئْت مِنْهُ بِأَمْرٍ قَدْ رَضِيت بِهِ جَائِزًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِأَنَّ عُثْمَانَ قَالَ فِي الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ لَا تَوَى عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ فِي أَصْلِ قَوْلِهِ يَبْطُلُ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ عُثْمَانَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ إنَّمَا شُكَّ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ، وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ احْتَمَلَ حَدِيثُ عُثْمَانَ خِلَافَهُ. وَإِذَا أَحَالَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْحَقِّ فَأَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَحَوُّلُ حَقٍّ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى غَيْرِهِ وَمَا تَحَوَّلَ لَمْ يَعُدْ وَالْحَوَالَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْحَمَالَةِ مَا تَحَوَّلَ عَنْهُ لَمْ يَعُدْ إلَّا بِتَجْدِيدِ عَوْدَتِهِ عَلَيْهِ وَنَأْخُذُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ دُونَ الْمُحِيلِ بِكُلِّ حَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute