وَيُخْرِجُ عَنْ بَعْضِ مَنْ يُمَوِّنُ شَعِيرًا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ فِي الصَّدَقَةِ السِّنَّ الْأَعْلَى، وَإِنْ كَانَ قُوتُهُ حِنْطَةً فَأَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَعِيرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى مِمَّا يَقُوتُ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ تَمْرًا طَيِّبًا وَتَمْرًا رَدِيئًا وَلَا شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخْرَجَ تَمْرًا رَدِيئًا، هُوَ قُوتُهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَمْرٌ أَخْرَجَ مِنْ وَسَطِهِ الزَّكَاةَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ حِنْطَةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا إذَا كَانَ مُسَوِّسًا وَلَا مَعِيبًا، لَا يُخْرِجُهُ إلَّا سَالِمًا.
بَابُ ضَيْعَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ قَسْمِهَا
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ مَحِلِّهَا، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لِيَقْسِمَهَا فَضَاعَتْ مِنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَجِدُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا حَتَّى يَقْسِمَهَا، أَوْ يَدْفَعَهَا إلَى الْوَالِي، وَكَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ فَلَا يُبْرِئُهُ مِنْهُ إلَّا أَدَاؤُهُ مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ لَا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَوَلَّاهَا رَجُلٌ قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ سَهْمَ الْعَامِلِينَ وَسَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ سَاقِطَانِ (قَالَ): وَيَسْقُطُ سَهْمُ الْعَامِلِينَ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا وَيَقْسِمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَأَيُّ صِنْفٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يَجِدْهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ حَقِّهِ مِنْهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُعْطِي الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ ذَوِي رَحِمِهِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَأَقْرَبُهُمْ بِهِ أَحَبُّهُمْ إلَيَّ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ، لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُتَطَوِّعًا أَعْطَاهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِنَفَقَتِهِ لَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي عَلَى طَرْحِهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: إنَّ عَطَاءً أَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَفْتَاك الْعِلْجُ بِغَيْرِ رَأْيِهِ؟ اقْسِمْهَا، فَإِنَّمَا يُعْطِيهَا ابْنُ هِشَامٍ أَحْرَاسَهُ وَمَنْ شَاءَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ: أَعْطِهَا أَنْتَ فَقُلْت: أَلَمْ يَكُنْ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ ادْفَعْهَا إلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَكِنِّي لَا أَرَى أَنْ تَدْفَعَهَا إلَى السُّلْطَانِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ الَّتِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ.
بَابُ ضَيْعَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ قَسْمِهَا الثَّانِي
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ مَحِلِّهَا، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لِيَقْسِمَهَا فَضَاعَتْ مِنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَجِدُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا حَتَّى يَقْسِمَهَا، أَوْ يَدْفَعَهَا إلَى الْوَالِي كَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِأَدَائِهِ، وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ لَا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِذَا تَوَلَّاهَا الرَّجُلُ، فَقَسَمَهَا قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ سَهْمَ الْعَامِلِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَاقِطَانِ وَيَقْسِمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute