الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا بِالسُّنَّةِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَقَالَ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُقْطَعُ بَعْضُ السُّرَّاقِ دُونَ بَعْضٍ وَيُجْلَدُ مِائَةً بَعْضُ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ فَقُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ بِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنَ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ خَاصًّا وَعَامًّا فَكَذَلِكَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ تَلْزَمُك مِنْ حَيْثُ لَزِمَك هَذَا فَإِنْ كُنْت مُصِيبًا بِاتِّبَاعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ السُّنَّةِ مَعَ الْقُرْآنِ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُخْطِئًا بِتَرْكِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَإِنْ كُنْت مُصِيبًا بِتَرْكِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْك تَرْكُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَتَرْكُ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَقَطْعُ كُلِّ سَارِقٍ فَقَدْ خَالَفَك فِي هَذَا كُلِّهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَوَافَقَنَا فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَوَامُّ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ خَالَفَ أَحَادِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ أَثْبَتُ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ ثَابِتَةً لِعِلَّةٍ أَضْعَفَ مِنْ كُلِّ عِلَّةٍ اعْتَلَّ بِهَا مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ فَإِنْ كَانَتْ لَنَا وَلَهُ بِهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِيمَا خَالَفَ مِنْ الْأَحَادِيثِ.
بَابُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْوِلَادُ وَعُيُوبُ النِّسَاءِ مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا لَقِيته فِي أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيهِ جَائِزَةٌ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ دَلَالَةً عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُخَالِفُوا اللَّهَ حُكْمًا وَلَا يَجْهَلُوهُ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ حُكْمٌ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ جَاءَ بِهِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَالْحُكْمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ حُكْمٌ بِالسُّنَّةِ لَا مُخَالِفَ لِلشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهُمَا، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ عُدُولٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ أَخَذْت بِهِ؟ قُلْت لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فَجَعَلَ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَجَازَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، وَكَانَ أَقَلُّ مَا انْتَهَى إلَيْهِ مِنْ عَدَدِ الرِّجَالِ رَجُلَيْنِ فِي الشَّهَادَاتِ الَّتِي تُثْبَتُ بِهَا الْحُقُوقُ وَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا الْمَشْهُودُ لَهُ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إذَا أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعٍ أَنْ يَجُوزَ مِنْهُنَّ إلَّا أَرْبَعٌ عُدُولٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
الْخِلَافُ فِي إجَازَةِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَحْدَهَا كَمَا يَجُوزُ فِي الْخَبَرِ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَدْلٍ وَلَيْسَ مِنْ قِبَلِ الشَّهَادَاتِ أَجَزْتهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الشَّهَادَاتِ أَجَزْتهَا لَمْ أُجِزْ إلَّا مَا ذَكَرْت مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَأَيْنَ الْخَبَرُ مِنْ الشَّهَادَةِ؟ قَالَ وَأَيْنَ يَفْتَرِقَانِ؟ قُلْت تَقْبَلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا قُلْت امْرَأَةً وَاحِدَةً وَرَجُلًا وَاحِدًا وَتَقُولُ فِيهِ أَخْبَرَنَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَفَتَقْبَلُ هَذَا فِي الشَّهَادَاتِ؟ فَقَالَ لَا قُلْت: وَالْخَبَرُ هُوَ مَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُخْبِرُ، وَالْمُخْبَرِ، وَالْعَامَّةُ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَالشَّهَادَةُ مَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْهَا خَلِيًّا، وَالْعَامَّةُ وَإِنَّمَا تُلْزِمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَرَى هَذَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قَالَ أَمَّا فِي هَذَا فَلَا قُلْت أَفَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ إذَا قَبِلْت فِي الْخَبَرِ فُلَانًا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute