للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ مُحْرِمًا صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ صَيْدٌ فَذَبَحَهُ غَيْرُهُ فَأَكَلَهُ هُوَ أَكَلَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - إنَّمَا جَعَلَ جَزَاءَهُ بِقَتْلِهِ وَهُوَ لَمْ يَقْتُلْهُ وَقَدْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَلَوْ دَلَّ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ أَوْ أَعْطَاهُ سِلَاحًا أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَكَانَ مُسِيئًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ كَانَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ لَا عَلَى الْآمِرِ، وَكَانَ الْآمِرُ آثِمًا (قَالَ): وَلَوْ صَادَ حَلَالٌ صَيْدًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ مُحْرِمٌ أَوْ اتَّهَبَهُ فَذَبَحَهُ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ لَهُ، وَالْحَلَالُ يَقْتُلُ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ مِثْلُ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُهُ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ وَيَجْزِيهِ إذَا قَتَلَهُ.

قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ قَطَعَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاهُ، حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا، وَفِي الشَّجَرَةِ الصَّغِيرَةِ شَاةٌ، وَفِي الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْطَعَ الشَّجَرَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَيْسَ بِصَيْدٍ.

مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ الصَّيْدِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الصَّيْدِ صِنْفَانِ صِنْفٌ عَدُوٌّ عَادٍ، فَفِيهِ ضَرَرٌ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ فَيَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَيَبْدَأُ هَذَا الْمُحْرِمُ وَيَقْتُلُ صِغَارَهُ وَكِبَارَهُ؛ لِأَنَّهُ صِنْفٌ مُبَاحٌ وَيَبْتَدِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَصِنْفٌ لَا يُؤْكَلُ وَلَا ضَرَرَ لَهُ مِثْلُ الْبُغَاثَةَ وَالرَّخَمَةِ وَالْحَكَّاءِ وَالْقَطَا وَالْخَنَافِسِ وَالْجِعْلَانِ وَلَا أَعْلَمُ فِي مِثْلِ هَذَا قَضَاءً فَآمُرُهُ بِابْتِدَائِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا يَفْدِي الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ إلَّا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (قَالَ): وَهَذَا مُوَافِقٌ مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْقِرْدَانِ وَالْحَمْنَانِ وَالْحَلَمَ وَالْكَتَالَةَ وَالْبَرَاغِيثَ وَالْقُمَّلَانِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُمَّلُ فِي رَأْسِهِ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يُفَلَّى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إمَاطَةُ أَذَى وَأَكْرَهُ لَهُ قَتْلَهُ وَآمُرُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَإِذَا ظَهَرَ لَهُ عَلَى جِلْدِهِ طَرَحَهُ وَقَتَلَهُ.

وَقَتَلَهُ مِنْ الْحَلَالِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: جَلَسْت إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَلَسَ إلَيْهِ رَجُلٌ لَمْ أَرَ رَجُلًا أَطْوَلَ شَعْرًا مِنْهُ فَقَالَ: أَحْرَمْت وَعَلَيَّ هَذَا الشَّعْرُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " اشْتَمِلْ عَلَى مَا دُونَ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ " قَالَ " قَبَّلْت امْرَأَةً لَيْسَتْ بِامْرَأَتِي " قَالَ " زَنَا فُوكَ " قَالَ " رَأَيْت قَمْلَةً فَطَرَحْتهَا " قَالَ " تِلْكَ الضَّالَّةُ لَا تُبْتَغَى " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُودُ بَعِيرًا لَهُ فِي طِينٍ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْقُرَادَ وَالْحَلَمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>