للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيلَاءُ النَّصْرَانِيِّ وَظِهَارُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا آلَى النَّصْرَانِيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ فَتَحَاكَمَا إلَيْنَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَكَمْنَا عَلَيْهِ حُكْمَنَا عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَنَأْمُرُهُ إذَا فَاءَ بِالْكَفَّارَةِ وَلَا نُجْبِرُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالشِّرْكِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ فَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَرَافَعَتْهُ وَرَضِيَا بِالْحُكْمِ فَلَيْسَ فِي الظِّهَارِ طَلَاقٌ فَنَحْكُمُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا فِيهِ كَفَّارَةٌ فَنَأْمُرُهُ بِهَا وَلَا نُجْبِرُهُ عَلَيْهَا كَمَا قُلْنَا فِي يَمِينِ الْإِيلَاءِ.

فِي النَّصْرَانِيِّ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَذَفَ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتَهُ فَرَافَعَتْهُ وَرَضِيَا بِالْحُكْمِ لَاعَنَّا بَيْنَهُمَا وَفَرَّقْنَا وَنَفَيْنَا الْوَلَدَ كَمَا نَصْنَعُ بِالْمُسْلِمِ وَلَوْ فَعَلَ وَتَرَافَعَا فَأَبَى أَنْ يَلْتَعِنَ عَزَّرْنَاهُ وَلَمْ نَحُدَّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً حَدٌّ وَأَقْرَرْنَاهَا مَعَهُ لِأَنَّا لَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالْتِعَانِهِ.

فِيمَنْ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةٍ مِنْ الْمَغْنَمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَقَعَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ شَهِدَ الْحَرْبَ عَلَى جَارِيَةٍ مِنْ الرَّقِيقِ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ أُخِذَ مِنْهُ عُقْرُهَا وَرُدَّتْ إلَى الْمَغْنَمِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ نُهِيَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عُزِّرَ وَلَا حَدَّ مِنْ قِبَلِ الشُّبْهَةِ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْهَا شَيْئًا وَإِنْ أَحْصَى الْمَغْنَمَ فَعَرَفَ قَدْرَ مِلْكِهِ مِنْهَا مَعَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَغْنَمِ وَقَعَ عَنْهُ مِنْ الْمَهْرِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ حَمَلَتْ فَهَكَذَا وَتَقُومُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ فَلَا مَهْرَ فِيهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَالْبَغِيُّ هِيَ الَّتِي تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا فَتَكُونُ وَاَلَّذِي زَنَى بِهَا زَانِيَيْنِ مَحْدُودَيْنِ فَإِذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً فَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ مَحْدُودَةٍ فَلَهَا الْمَهْرُ وَعَلَى الزَّانِي بِهَا الْحَدُّ.

الْمُسْلِمُونَ يوجفون عَلَى الْعَدُوِّ، فَيُصِيبُونَ سَبْيًا فِيهِمْ قَرَابَةٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْعَدُوِّ فَكَانَ فِيهِمْ وَلَدٌ لِمُسْلِمٍ مَمْلُوكٍ لِلْعَدُوِّ أَوْ كَانَ فِيهِمْ وَلَدٌ لِمُسْلِمٍ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَدْ شَهِدَ ابْنِهِ الْحَرْبَ فَصَارَ لَهُ الْحَظُّ فِي أَبِيهِ أَوْ ابْنُهُ مِنْهُمْ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حَتَّى يَقْسِمُوا فَإِذَا صَارَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فِي حَظِّهِ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْتِقُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنْتَ تَقُولُ إذَا مَلَكَ أَبَاهُ أَوْ وَلَدَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا أَقُولُ ذَلِكَ إذَا اُجْتُلِبَ هُوَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ يَتَّهِبَهُ أَوْ يَزْعُمَ أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ لَمْ أَعْتِقْهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَهُ وَكَانَ لَهُ رَدُّ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَهُوَ إذَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ فَلَهُ تَرْكُ حَقِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَصِيرَ فِي مِلْكِهِ بِقِسْمٍ أَوْ شِرَاءٍ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْجَارِيَةَ يَطَؤُهَا وَلَهُ فِيهَا حَقٌّ مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَدْرَأُ الْحَدَّ بِالشُّبْهَةِ وَلَا نُثْبِتُ الْمِلْكَ بِالشُّبْهَةِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>