إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَاذِفِ إذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَقَالَ كُلُّنَا نَقُولُهُ فَقُلْت مَنْ؟ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ.
بَابُ الْخِلَافِ فِي إجَازَةِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْقَاذِفِ فَقَالَ إذَا ضُرِبَ الْحَدَّ، ثُمَّ تَابَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ لَمْ يُضْرَبْ الْحَدَّ، أَوْ ضُرِبَهُ وَلَمْ يُوَفَّهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا ذَكَرْتُ مِنْ مَعْنَى الْقُرْآنِ، وَالْآثَارِ فَقَالَ فَإِنَّا ذَهَبْنَا إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - إِلا الَّذِينَ تَابُوا} فَقُلْنَا نَطْرَحُ عَنْهُمْ اسْمَ الْفِسْقِ وَلَا نَقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةً فَقُلْت لِقَائِلِ هَذَا أَوَتَجِدُ الْأَحْكَامَ عِنْدَك فَمَا يُسْتَثْنَى عَلَى مَا وَصَفْت فَيَكُونَ مَذْهَبًا ذَهَبْتُمْ فِي اللَّفْظِ أَمْ الْأَحْكَامُ عِنْدَك فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْت؟ فَقَالَ: أَوْضِحْ هَذَا لِي قُلْت أَرَأَيْت رَجُلًا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك أَبَدًا وَلَا أَدْخُلُ لَك بَيْتًا وَلَا آكُلُ لَك طَعَامًا وَلَا أَخْرُجُ مَعَك سَفَرًا وَإِنَّك لَغَيْرُ حَمِيدٍ عِنْدِي وَلَا أَكْسُوك ثَوْبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاقِعًا عَلَى مَا بَعْدَ قَوْلِهِ " أَبَدًا "، أَوْ عَلَى مَا بَعْدَ غَيْرِ حَمِيدٍ عِنْدِي، أَوْ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ؟ قَالَ، بَلْ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ قُلْت فَكَيْفَ لَمْ تُوقِعْ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْآيَةِ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ وَأَوْقَعْتهَا فِي هَذَا الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إنَّ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ لِرَجُلٍ أَرَادَ اسْتِشْهَادَهُ اسْتَشْهِدْ غَيْرِي فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فَسَّقُونِي قُلْت فَالرَّجُلُ الَّذِي وَصَفْت امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يَتُوبَ مِنْ الْقَذْفِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ امْتَنَعَ أَنْ يَتُوبَ مِنْ الْقَذْفِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا فِي هَذَا إلَّا مَا رَوَيْت كَانَ حُجَّةً عَلَيْك قَالَ وَكَيْفَ؟ قُلْت إنْ كَانَ الرَّجُلُ عِنْدَك مِمَّنْ تَابَ مِنْ الْقَذْفِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ فَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ فَسَّقُوهُ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ إذَا تَابَ سَقَطَ عَنْهُ اسْمُ الْفِسْقِ وَفِيمَا قَالَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُلْزِمُونَهُ اسْمَ الْفِسْقِ إلَّا وَشَهَادَتُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ قُلْت وَلَا يُجِيزُونَ شَهَادَتَهُ إلَّا وَقَدْ أَسْقَطُوا عَنْهُ اسْمَ الْفِسْقِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ إسْقَاطِ اسْمِ الْفِسْقِ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ وَإِجَازَةِ شَهَادَتِهِ بِسُقُوطِ الِاسْمِ عَنْهُ كَمَا تُفَرِّقُ بَيْنَهُ، وَإِذَا كُنْت تَقْبَلُ شَهَادَةَ الْقَاتِلِ وَالزَّانِي، وَالْمُسْتَتَابِ مِنْ الرِّدَّةِ إذَا تَابَ فَكَيْفَ خَصَصْت بِهَا الْقَاذِفَ وَهُوَ أَيْسَرُ ذَنْبًا مِنْ غَيْرِهِ؟ قَالَ تَأَوَّلْت فِيهِ الْقُرْآنَ قُلْت تَأَوُّلُك خَطَأٌ عَلَى لِسَانِك قَالَ قَالَهُ شُرَيْحٌ قُلْت أَفَتَجْعَلُ شُرَيْحًا حُجَّةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ سَمَّيْت وَغَيْرِهِمْ، وَالْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ؟ وَكَيْفَ؟ زَعَمْت إنْ لَمْ يَطْهُرْ بِالْحَدِّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِذَا طَهُرَ بِالْحَدِّ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ تَائِبًا فِي الْحَالَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحُكِيَ أَنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ وَصَفُوا أَنَّ شَهَادَتَهُمْ كَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ فَحُكِيَ أَنَّ كَبِيرَهُمْ قَالَ {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} (قَالَ): وَلَا يَسَعُ شَاهِدًا أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا عَلِمَ، وَالْعِلْمُ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا عَايَنَهُ الشَّاهِدُ فَيَشْهَدُ بِالْمُعَايَنَةِ، وَمِنْهَا مَا سَمِعَهُ فَيَشْهَدُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute