الرَّهْنَانِ مَعًا، وَكَانَ مَا يَبْقَى مِنْ الْمَالِ بِغَيْرِ رَهْنٍ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُمَا فِي هَذَا الشَّرْطِ رَهْنٌ مَرَّةً وَأَحَدُهُمَا خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ أُخْرَى بِغَيْرِ عَيْنِهِ؛ لِأَنِّي لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا يُؤَدِّي وَعَلَى أَيِّهِمَا يَبْقَى الدَّيْنُ، وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا إلَى سَنَةٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِالْحَقِّ إلَى سَنَةٍ، وَإِلَّا فَالْعَبْدُ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا، وَكَذَلِكَ لَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ، وَإِلَّا خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ الرَّهْنِ وَصَارَتْ دَارُهُ رَهْنًا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ رَهْنًا، وَكَانَ الرَّهْنُ فِي الْعَبْدِ مَفْسُوخًا؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ مَرَّةً وَخَارِجٌ مِنْهُ أُخْرَى بِغَيْرِ بَرَاءَةٍ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ، وَلَوْ رَهَنَهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِالْحَقِّ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ بَيْعٌ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنَّهُ رَهْنٌ فِي حَالٍ وَبَيْعٌ فِي أُخْرَى.
رَهْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِنْ رَجُلَيْنِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلَيْنِ بِمِائَةٍ فَنِصْفُهُ مَرْهُونٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِينَ فَإِذَا دَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا خَمْسِينَ فَهِيَ لَهُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ مَعَهُ وَنِصْفُ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ مَرْهُونًا عَنْ الْقَاضِي مِنْهُمَا خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ حَقِّهِ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ لَهُ تَامَّةً دُونَ صَاحِبِهِ، وَكَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ وَنِصْفُهُ مَرْهُونًا، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِمَا مَعًا خَمْسِينَ أَوْ تِسْعِينَ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ مَرْهُونٌ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حَقِّهِ فِيهِ، فَيَخْرُجُ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ أَوْ يَسْتَوْفِيَا مَعًا فَتَخْرُجُ حُقُوقُهُمَا مَعًا وَالِاثْنَانِ الرَّاهِنَانِ وَالْمُرْتَهِنَانِ يُخَالِفَانِ الْوَاحِدَ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلَانِ يَشْتَرِيَانِ الْعَبْدَ فَيَجِدَانِ بِهِ عَيْبًا فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْآخَرُ التَّمَسُّكَ بِالشِّرَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا فَأَرَادَ رَدَّ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَإِمْسَاكَ نِصْفِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.
رَهْنُ الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ
. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَذِنَا لِرَجُلٍ أَنْ يَرْهَنَهُ رَجُلَيْنِ بِمِائَةٍ فَرَهَنَهُ بِهَا وَوَكَّلَ الْمُرْتَهِنَانِ رَجُلًا يَقْبِضُ حَقَّهُمَا فَأَعْطَاهُ الرَّاهِنُ خَمْسِينَ عَلَى أَنَّهَا حَقُّ فُلَانٍ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ حَقِّ فُلَانٍ وَنِصْفُ الْعَبْدِ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرْتَهِنٌ نِصْفُهُ فَسَوَاءٌ ارْتَهَنَا الْعَبْدَ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ ثُمَّ الْآخَرُ نِصْفَهُ بَعْدَهُ، وَهَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى وَكِيلِهِمَا، وَلَمْ يُسَمِّ لِمَنْ هِيَ ثُمَّ قَالَ: هِيَ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِفُلَانٍ فَإِنْ قَالَ: هَذِهِ قَضَاءٌ مِمَّا عَلَيَّ، وَلَمْ يَدْفَعْهَا الْوَكِيلُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَى أَحَدِهِمَا كَانَتْ لِلَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهَا الْوَكِيلُ إلَيْهِمَا مَعًا فَأَخَذَاهَا ثُمَّ قَالَ: هِيَ لِفُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْآخَرِ مَا قَبَضَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ لِغَرِيمِهِ مَالًا فَأَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَرِيمِهِ إخْرَاجُهُ مِنْ يَدَيْهِ. وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِأَنَّ الْعَبْدَ لِرَجُلَيْنِ، وَكَانَ الرَّهْنُ عَلَى بَيْعٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ، وَإِنْ افْتَكَّ الْمُرْتَهِنُ حَقَّ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ رَجُلَانِ عَبْدًا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْتَكَّ دُونَ الْآخَرِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا أَنَّ الْعَبْدَ لِاثْنَيْنِ فَقَضَاهُ الْغَرِيمُ مَا قَضَاهُ مُجْتَمِعًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ قَضَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute