تَرَى أَنَّهَا لَوْ تَكَارَتْ مَعَهُ بَعِيرَهُ بِعَشْرَةٍ فَمَاتَ الْبَعِيرُ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ رَجَعَتْ بِخَمْسَةٍ.
صَدَاقُ مَا يَزِيدُ بِبَدَنِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَصْدَقَهَا أَمَةً وَعَبْدًا صَغِيرَيْنِ وَدَفَعَهُمَا إلَيْهَا فَكَبِرَا أَوْ غَيْرَ عَالِمَيْنِ وَلَا عَامِلَيْنِ فَعَلِمَا أَوْ عَمِلَا أَوْ أَعْمَيَيْنِ فَأَبْصَرَا أَوْ أَبْرَصَيْنِ فَبَرِئَا أَوْ مَضْرُورَيْنِ أَيَّ ضَرَرٍ كَانَ فَذَهَبَ ضَرَرُهُمَا أَوْ صَحِيحَيْنِ فَمَرِضَا أَوْ شَابَّيْنِ فَكَبِرَا أَوْ اعْوَرَّا أَوْ نَقَصَا فِي أَبْدَانِهِمَا وَالنَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ مَا كَانَ قَائِمًا فِي الْبَدَنِ لَا فِي السُّوقِ بِغَيْرِ مَا فِي الْبَدَنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَا لَهَا وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ أَنْصَافَ قِيمَتِهِمَا يَوْمَ قَبَضَتْهُمَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ تَدْفَعَهُمَا إلَيْهِ زَائِدَيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ غَيَّرَتْهُمَا بِأَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ فَكَبِرَا كِبَرًا بَعِيدًا مِنْ الصِّغَرِ فَالصَّغِيرُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْكَبِيرُ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَا نَاقِصَيْنِ دَفَعَتْ إلَيْهِ أَنْصَافَ قِيمَتِهِمَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُمَا نَاقِصَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ إيَّاهُمَا لِأَنَّهَا إنَّمَا لَهَا مَنْعُهُ الزِّيَادَةَ فَأَمَّا النَّقْصُ عَمَّا دَفَعَ إلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا وَلَهَا إنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ فَكَبِرَا أَنْ تَمْنَعَهُ إيَّاهُمَا وَإِنْ كَانَا نَاقِصَيْنِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرُ الْكَبِيرِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَا بِحَالِهِمَا إلَّا أَنَّهُمَا اعْوَرَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْعُهُ أَنْ يَأْخُذَهُمَا أَعْوَرَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَحَوُّلٍ مِنْ صِغَرٍ وَلَا كِبَرٍ الْكَبِيرُ بِحَالِهِ وَالصَّحِيحُ خَيْرُ مِنْ الْأَعْوَرِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِأَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ فَإِذَا قَضَى لَهُ بِأَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ فَمَنَعَتْهُ فَهِيَ ضَامِنَةٌ لِمَا أَصَابَ الْعَبْدَ فِي يَدَيْهَا إنْ مَاتَ ضَمِنَتْ نِصْفَ قِيمَتِهِ أَوْ اعْوَرَّ أَخَذَ نِصْفَهُ وَضَمَّنَهَا نِصْفَ الْعَوَرِ فَعَلَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالنَّخْلُ وَالشَّجَرُ الَّذِي يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ لَا تُخَالِفُهَا فِي شَيْءٍ وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ أَمَةً فَدَفَعَهَا إلَيْهَا فَوَلَدَتْ أَوْ مَاشِيَةً فَنَتَجَتْ فِي يَدَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَ لَهَا النِّتَاجُ كُلُّهُ وَوَلَدُ الْأَمَةِ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ وَالْمَاشِيَةُ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً فَهِيَ لَهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَالْمَاشِيَةِ يَوْمَ دَفَعَهَا إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْأُمَّهَاتِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهَا نَاقِصَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصُهَا مَعَ تَغَيُّرٍ مِنْ صِغَرٍ إلَى كِبَرٍ فَيَكُونُ نِصْفُهَا بِالْعَيْبِ أَوْ تَغَيَّرَ الْبَدَنُ وَإِنْ كَانَ نَقْصًا مِنْ وَجْهِ بُلُوغِ سِنِّ كِبَرٍ زَائِدٍ فِيهِ مِنْ وَجْهِ غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا زَادَتْ فِي مَالِهَا لَهَا وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا كِبَارًا فَكَانَ نَقْصُهَا مِنْ كِبَرٍ أَوْ هَرَمٍ كَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْهَرَمَ نَقْصٌ كُلُّهُ لَا زِيَادَةٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ النَّاقِصِ إلَّا أَنْ يَشَاءَهُ. وَهَكَذَا الْأَمَةُ إذَا وَلَدَتْ فَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَاخْتَارَ أَخْذَ نِصْفِهَا نَاقِصَةً لَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّ أَوْلَادَ الْأَمَةِ إنْ كَانُوا مَعَهَا صِغَارًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لِئَلَّا يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَسْتَخْدِمُهَا فِيهِ لِأَنِّي لَا أُجْبِرُهُ فِي يَوْمِهِ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ مَمْلُوكَ غَيْرِهِ وَلَا تَحْضُنَهُ فَتَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ وَلَا أَمْنَعُ الْمَوْلُودَ الرَّضَاعَ فَأُضِرُّ بِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ أَجْعَلْ لَهُ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِ الْأُمِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا وَالِدًا عَلَى غَيْرِ حَالِهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ وَإِنْ زَادَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَمْ تُجْبَرْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَهَا وَتُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَإِذَا أَعْطَتْهُ نِصْفَهَا مُتَطَوِّعَةً أَوْ كَانَتْ غَيْرَ زَائِدَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَسْتَخْدِمُهَا فِيهِ، فَإِذَا صَارَ إلَيْهِ نِصْفُهَا فَمَا وَلَدَتْ بَعْدُ مِنْ وَلَدٍ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْعَبِيدُ الَّذِينَ أَصْدَقَهَا أَغَلُّوا لَهَا غَلَّةً أَوْ كَانَ الصَّدَاقُ نَخْلًا فَأَثْمَرَ لَهَا فَمَا أَصَابَتْهُ مِنْ ثَمَرِهِ كَانَ لَهَا كُلُّهُ دُونَهُ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ حُبْلَى أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute