للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ أَعْسَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَمَنْ أَهَلَّ عَلَيْهِ شَوَّالٌ، هُوَ مُعْسِرٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ثُمَّ أَيْسَرَ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَتَى أَيْسَرَ فِي شَهْرِهَا، أَوْ غَيْرِهِ (قَالَ): وَإِنَّمَا قُلْت وَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ هِلَالُ شَوَّالٍ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجُ الصَّوْمِ وَدُخُولُ أَوَّلِ شُهُورِ الْفِطْرِ كَمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فِي انْسِلَاخِ شَهْرِ رَمَضَانَ حَلَّ إذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ لَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ، لَوْ جَازَ هَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ بَعْدَ يَوْمٍ وَعُشْرٍ وَأَكْثَرَ مَا لَمْ يَنْسَلِخْ شَوَّالٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَيَأْخُذَهَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَغَيْرَهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَغَيْرِهَا، وَكُلُّ مُسْلِمٍ فِي الزَّكَاةِ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَا عَرَضَ لَهُ وَلَا نَقْدَ وَلَا يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ أَنْ يَسْتَسْلِفَ زَكَاةً.

بَابُ جِمَاعِ فَرْضِ الزَّكَاةِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: فَرَضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ قَدْ كَتَبْنَاهُ فِي آخِرِ الزَّكَاةِ فَقَالَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} يَعْنِي أَعْطُوا الزَّكَاةَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الْآيَةَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ إلَى مَنْ جُعِلَتْ لَهُ وَفَرَضَ عَلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى الْوَالِي إذَا لَمْ يُؤَدِّهَا وَعَلَى الْوَالِي إذَا أَدَّاهَا أَنْ لَا يَأْخُذَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهَا زَكَاةً وَاحِدَةً لَا زَكَاتَيْنِ وَفَرْضُ الزَّكَاةِ مِمَّا أَحْكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَفَرَضَهُ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَ فِي أَيِّ الْمَالِ الزَّكَاةُ وَفِي أَيِّ الْمَالِ تَسْقُطُ وَكَمْ الْوَقْتُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ حَلَّتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْهُ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زَكَاةٌ وَمَوَاقِيتَ الزَّكَاةِ وَمَا قَدْرُهَا فَمِنْهَا خُمُسٌ وَمِنْهَا عُشْرٌ وَمِنْهَا نِصْفُ عُشْرٍ وَمِنْهَا رُبُعُ عُشْرٍ وَمِنْهَا بِعَدَدٍ يَخْتَلِفُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا بَيَانُ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْإِبَانَةِ عَنْهُ (قَالَ): وَكُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي مَالِهِ بِلَا جِنَايَةٍ جَنَاهَا، أَوْ جَنَاهَا مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَلَا تَطَوُّعٍ تَطَوَّعَ بِهِ وَلَا شَيْءٍ أَوْجَبَهُ هُوَ فِي مَالِهِ فَهُوَ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ كِلَاهُمَا لَهَا اسْمٌ، فَإِذَا وَلِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ مَالِهِ، أَوْ وَلِيَ ذَلِكَ الْوَالِي فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْسِمَهَا حَيْثُ قَسَمَهَا اللَّهُ لَيْسَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ.

كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>