للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيَمِينٍ حَادِثَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ يَمِينٍ مَاضِيَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ، وَإِنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا إيقَاعَ يَمِينٍ فَهِيَ يَمِينٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَوْعِدًا أَنَّهُ سَيُقْسِمُ بِاَللَّهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ سَأَحْلِفُ، أَوْ سَوْفَ أَحْلِفُ وَإِنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ فَهِيَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَعَمْرِي إنَّمَا هُوَ لَحَقِّي فَإِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ يُرِيدُ بِهَذَا كُلِّهِ الْيَمِينَ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَحَقُّ اللَّهِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَقُدْرَةُ اللَّهِ مَاضِيَةٌ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَمِينٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ يَمِينًا بِأَنْ لَا يَنْوِيَ شَيْئًا، أَوْ بِأَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا، وَإِذَا قَالَ بِاَللَّهِ، أَوْ تَاللَّهِ فِي يَمِينٍ فَهُوَ كَمَا وَصَفْت إنْ نَوَى يَمِينًا، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَكَذَا لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا يَمِينٌ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ، وَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَهِيَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَمِينًا فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ يَحْتَمِلُ أَشْهَدُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ إنَّمَا هِيَ أَعْزِمُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ، أَوْ أَعْزِمُ بِعَوْنِ اللَّهِ عَلَى كَذَا، وَكَذَا وَاسْتِحْلَافُهُ لِصَاحِبِهِ لَا يَمِينُهُ هُوَ مِثْلُ قَوْلِك لِلرَّجُلِ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ، أَوْ أَعْزِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحْلِفُ بِهَذَا يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ يَمِينًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ، وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَكَفَالَتُهُ، ثُمَّ حَنِثَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا يَمِينًا، وَكَذَلِكَ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا لَا يَنْوِي يَمِينًا فَلَيْسَ بِيَمِينٍ بِشَيْءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُؤَدِّيَ فَرَائِضَهُ، وَكَذَلِكَ لِلَّهِ عَلَيْهِ مِيثَاقٌ بِذَلِكَ وَأَمَانَةٌ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الذِّمَّةُ، وَالْكَفَالَةُ.

الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ

(قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّا نَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَكَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ إنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الثُّنْيَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ إنْ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الثُّنْيَا وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أَوْ قَالَ ذَلِكَ سَهْوًا، أَوْ اسْتِهْتَارًا فَإِنَّهُ لَا ثُنْيَا وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّهُ إنْ حَلَفَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ يَمِينِهِ نَسَقَ الثُّنْيَا بِهَا، أَوْ تَدَارَكَ الْيَمِينَ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ يَمِينِهِ وَلَمْ يَصِلْ الِاسْتِثْنَاءَ بِالْيَمِينِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ نَسَقًا بِهَا تِبَاعًا فَذَلِكَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ فَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ، أَوْ حَلَفَ بِيَمِينٍ مَا كَانَتْ بِطَلَاقٍ، أَوْ عَتَاقٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ فَقَدْ اسْتَثْنَى وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ حَنِثَ، وَالْوَصْلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ سَكْتَةٌ كَسَكْتَةِ الرَّجُلِ بَيْنَ الْكَلَامِ لِلتَّذَكُّرِ، أَوْ الْعِيِّ، أَوْ النَّفَسِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ، ثُمَّ وَصَلَ الِاسْتِثْنَاءَ فَهُوَ مَوْصُولٌ وَإِنَّمَا الْقَطْعُ أَنْ يَحْلِفَ، ثُمَّ يَأْخُذَ فِي كَلَامٍ لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ مِنْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ يَسْكُتَ السُّكَاتَ الَّذِي يَبِينُ أَنَّهُ يَكُونُ قَطْعًا فَإِذَا قَطَعَ، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فَإِنْ حَلَفَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ، أَوْ خَرِسَ، أَوْ غَابَ لَمْ يَفْعَلْ وَإِنْ قَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>