وَافْتَدَى، وَيَفْتَدِي فِي الْحَرَمِ بِأَنْ يَفْعَلَهُ وَيَبْعَثَ بِهَدْيٍ إلَى الْحَرَمِ: فَمَتَى أَطَاقَ الْمُضِيَّ مَضَى فَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَلَا وَقْتَ عَلَيْهِ، وَيَحِلُّ وَيَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ حَاجًّا فَأَدْرَكَ الْحَجَّ، فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ، طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، وَهَكَذَا مَنْ أَخْطَأَ الْعَدَدَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَرَفَةَ إلَّا مُغْمًى عَلَيْهِ، لَمْ يَعْقِلْ سَاعَةً وَلَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَهُوَ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَإِنْ طِيفَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ فَلَمْ يَطُفْ، وَإِنْ أَحْرَمَ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ فَلَمْ يُحْرِمْ، وَإِذَا عَقَلَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً، أَوْ عَقَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ سَاعَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ. ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ. إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْقِلْ حَتَّى تَجَاوَزَ الْوَقْتُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْوَقْتِ، وَلَا يُجْزِي عَنْهُ فِي الطَّوَافِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فِي هَذَا كُلِّهِ، لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ لَا يُجْزِيهِ، قَلِيلُهُ مِنْ كَثِيرِهِ، وَعَرَفَةُ يُجْزِيهِ قَلِيلُهَا مِنْ كَثِيرِهَا، وَكَذَلِكَ الْإِحْرَامُ.
مُخْتَصَرُ الْحَجِّ الصَّغِيرِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ سَلَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَهَلَّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَمَنْ سَلَكَ عَلَى السَّاحِلِ، أَهَلَّ مِنْ الْجُحْفَةِ، وَمَنْ سَلَكَ بَحْرًا أَوْ غَيْرَ السَّاحِلِ، أَهَلَّ إذَا حَاذَى الْجُحْفَةَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُهِلَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ إلَى بَلَدِهِ، وَإِنْ جَاوَزَ رَجَعَ إلَى مِيقَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَهْرَاقَ دَمًا، وَهِيَ شَاةٌ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ (قَالَ): وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَنْ يَغْتَسِلَا لِلْإِحْرَامِ وَيَأْخُذَا مِنْ شُعُورِهِمَا وَأَظْفَارِهِمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا وَتَوَضَّآ أَجْزَأَهُمَا (قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يُهِلَّا خَلْفَ الصَّلَاةِ، مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا وَأَهَلَّا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِمَا (قَالَ): وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ جَدِيدَيْنِ أَوْ غَسِيلَيْنِ، وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ ثِيَابًا كَذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ عَلَيْهِمَا فِيمَا لَبِسَا، مَا لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ أَوْ طِيبٍ، وَيَلْبَسُ الرَّجُلُ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ، أَوْ ثَوْبًا نَظِيفًا يَطْرَحُهُ كَمَا يَطْرَحُ الرِّدَاءَ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إزَارًا فَيَلْبَسَ سَرَاوِيلَ، وَأَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ خُفَّيْنِ وَيَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ. وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مَخِيطًا وَلَا عِمَامَةً. إلَّا أَنْ يَطْرَحَ ذَلِكَ عَلَى كَتِفَيْهِ أَوْ ظَهْرِهِ طَرْحًا، وَلَهُ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ وَلَا يُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَتَلْبَسُ الْمَرْأَةُ السَّرَاوِيلَ وَالْخُفَّيْنِ وَالْقَمِيصَ وَالْخِمَارَ، وَكُلَّ مَا كَانَتْ تَلْبَسُهُ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ إلَّا ثَوْبًا فِيهِ طِيبٌ، وَلَا تُخَمِّرُ وَجْهَهَا، وَتُخَمِّرُ رَأْسَهَا إلَّا أَنْ تُرِيدَ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا، فَتُجَافِي الْخِمَارَ، ثُمَّ تَسْدُلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا مُتَجَافِيًا وَيَسْتَظِلُّ الْمُحْرِمُ وَالْمُحْرِمَةُ فِي الْقُبَّةِ وَالْكَنِيسَةِ وَغَيْرِهِمَا وَيُبَدِّلَانِ ثِيَابَهُمَا الَّتِي أَحْرَمَا فِيهَا وَيَلْبَسَانِ غَيْرَهَا (قَالَ): وَإِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ غُسِّلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَمْ يَقْرَبْ طِيبًا وَكُفِّنَ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَمْ يُقَمَّصْ وَخُمِّرَ وَجْهُهُ وَلَمْ يُخَمَّرْ رَأْسُهُ (قَالَ): وَإِذَا مَاتَتْ الْمُحْرِمَةُ غُسِّلَتْ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَقُمِّصَتْ وَأُزِّرَتْ وَشُدَّ رَأْسُهَا بِالْخِمَارِ وَكُشِفَ عَنْ وَجْهِهَا (قَالَ): وَلَا تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ قُفَّازَيْنِ وَلَا بُرْقُعًا (قَالَ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ وَالْمُحْرِمَةُ بِالْغَالِيَةِ وَالنُّضُوحِ وَالْمُجْمَرِ وَمَا تَبْقَى رَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ الطِّيبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَكَذَلِكَ يَتَطَيَّبَانِ إذَا رَمَيَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (قَالَ): وَإِذَا أَخَذَا مِنْ شُعُورِهِمَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا أَهَلَّا فَإِنْ شَاءَا قَرَنَا وَإِنْ شَاءَا أَفْرَدَا الْحَجَّ وَإِنْ شَاءَا تَمَتَّعَا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute