تَجِبُ بِشَاهِدٍ فِي النَّفْسِ فَيَقْتُلُ وَلِيُّ الدَّمِ فَالْقَسَامَةُ تَجِبُ عِنْدَهُ بِدَعْوَى الْمَقْتُولِ، أَوْ الْفَوْتِ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ الْجُرْحَ الَّذِي فِيهِ الْقَوَدُ مِثْلُ النَّفْسِ فَيَقْضِيَ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ وَيَجْعَلَهَا خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ بِحَالٍ، أَوْ يَزْعُمَ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي النَّفْسِ، فَأَصْلُ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّهَادَةِ شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ فِي الْمَالِ وَأَصْلُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَنَا أَنَّهُ حَكَمَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ قَالَ فَلَا يَنْبَغِي إلَّا أَنْ لَا يُجَازَ عَلَى الْقِصَاصِ إلَّا شَاهِدَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ فِي الْجِرَاحِ أَنَّ فِيهَا قَسَامَةً مِثْلُ النَّفْسِ فَإِذَا أَبَى مَنْ يَقُولُ هَذَا أَنْ يَقْبَلَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْتَصَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَأَنْ يَقْبَلَ يَمِينًا وَشَاهِدًا أَشَدَّ إبَاءً.
شَهَادَةُ الْوَارِثِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِذَا شَهِدَ وَارِثٌ وَهُوَ عَدْلٌ لِرَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ، أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَجَاءَ آخَرُ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ لَهُ أَنَّ أَبَاهُ، أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَهُوَ مِثْلُ الرَّجُلَيْنِ يُقِيمُ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ عَلَى الدَّارِ بِأَنَّهُمَا لَهُ وَيُقِيمُ الْآخَرُ شَاهِدًا أَنَّهَا لَهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ رَأَى أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي هَذَا وَبَيْنَ شَاهِدَيْنِ أَحْلَفَ هَذَا مَعَ شَاهِدِهِ وَجَعَلَ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَتِمَّ حَتَّى يَكُونَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ أَنْ يَحْلِفَ جَعَلَ الثُّلُثَ لِصَاحِبِ الشَّاهِدَيْنِ وَأَبْطَلَ شَهَادَةَ الْوَارِثِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الْقَوْلَيْنِ مَعًا قَالَ، وَلَوْ أَنَّ الْوَارِثَ شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَصَيَّرَهُ إلَى هَذَا الْآخَرِ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَكَانَ الثُّلُثُ لَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى لِأَنَّهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُخْتَلِفَانِ وَهَذَا يُثْبِتُ مَا ثَبَتَا وَيُثْبِتُ أَنَّ أَبَاهُ رَجَعَ فِيهِ قَالَ، وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ بَنِينَ عَدَدًا فَاقْتَسَمُوا، أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا، ثُمَّ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لِرَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ، أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَ مِنْ أَيْدِيهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ أَخَذَ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْآخَرِينَ شَيْئًا وَأُحْلِفُوا لَهُ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ امْرَأَتَيْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ، أَوْ عَشْرًا مِنْ الْوَرَثَةِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ أَخَذَ ثُلُثَ مَا فِي أَيْدِيهِنَّ وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ قَالَ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ أَلْفًا نَقْدًا وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى أَحَدِ الْوَارِثَيْنِ فَشَهِدَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ، أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا أَعْطَاهُ ثُلُثَ الْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ وَأَعْطَى الْآخَرَ ثُلُثَ الْأَلْفِ الَّتِي أَخَذَ إذَا حَلَفَ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ، ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ، وَالْإِقْرَارُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ عَلَى أَبِيهِ يَلْزَمُهُ فِيمَا صَارَ فِي يَدَيْهِ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ كَمَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ الْيَوْمَ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ وَغَدًا لِآخَرَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَتَحَاصَّانِ فِي مَالِهِ، أَوْ يَكُونَ إقْرَارُهُ سَاقِطًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهَذَا مِمَّا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ عَلِمْته، بَلْ هُمَا لَازِمَانِ مَعًا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ، وَكَانَ عَدْلًا حَلَفَا مَعَ شَاهِدِهِمَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا فِي يَدَيْهِ دُونَ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِهِ قَالَ، وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ وَارِثًا، أَوْ وَرَثَةً، فَأَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فِي عَبْدٍ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ أَنَّهُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ عَادَ بَعْدُ فَقَالَ، بَلْ هُوَ لِهَذَا الْآخَرِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْوَارِثِ قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute