الْبَصَرِ مَعْرِفَةَ إحَاطَةٍ قَبِلْت مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ مَعْرِفَةَ إحَاطَةٍ وَاخْتَلَفُوا جَعَلْته بِالذَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَزِدْ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ عَلَى حِصَّةِ مَا نَقَصَ بَصَرُهُ بِالذَّرْعِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَصَرُهَا كُلُّهُ وَأَشْخَصَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا قِيلَ: لَهُ إنْ شِئْت أَذْهَبْنَا لَكَ بَصَرَهُ وَلَا شَيْءَ لَكَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِنْ شِئْت فَالْعَقْلُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ ضَرَبَهَا فَأَنْدَرَهَا وَلَمْ تُثْبِتْ أَنَدَرَتْ عَيْنُهُ بِهَا وَإِنْ قَالَ ضَرَبَهَا فَأَنْدَرَهَا فَرُدَّتْ وَذَهَبَ بَصَرُهَا أَنَدَرَتْ عَيْنُهُ، وَقِيلَ لَهُ إنْ شِئْت فَرُدَّهَا وَإِنْ شِئْت فَدَعْ وَلَمْ تُعْطَ عَقْلًا بِمَا صَنَعَ بِكَ إذَا أَقَدْت فَإِنْ كَانَتْ لَا تَعُودُ، ثُمَّ ثَبَتَتْ فَلَمْ تَثْبُتْ إلَّا وَقَدْ بَقِيَ لَهَا عِرْقٌ فَرُدَّتْ فَثَبَتَتْ لَمْ تُنْدَرُ عَيْنُهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْدُرَ ثُمَّ تَعُودُ وَيَبْقَى لَهَا عِرْقٌ، وَقِيلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ: إنْ شِئْت أَذْهَبْنَا لَكَ بَصَرَهُ وَإِنْ شِئْت فَالْعَقْلُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ ضَرَبَ عَيْنَهُ فَأَدْمَاهَا وَلَمْ يَذْهَبْ بَصَرُهَا فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَرْشَ مَعْلُومٌ وَفِيهَا حُكُومَةٌ وَيُعَاقَبُ الضَّارِبُ. .
اخْتِلَافُ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْبَصَرِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى بَصَرِ الرَّجُلِ فَقَالَ جَنَيْت عَلَيْهِ وَبَصَرُهُ ذَاهِبٌ فَعَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ وَيَسَعُ الْبَيِّنَةَ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إذَا رَأَوْهُ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْبَصِيرِ وَيَتَّقِي مَا يَتَّقِي وَهَكَذَا إذَا جَنَى عَلَى بَصَرِ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ فَقَالَ جَنَيْت عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى أَوْلِيَائِهِمَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمَا كَانَا يُبْصِرَانِ قَبْلَ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِمَا وَيَسَعُ الْبَيِّنَةَ الشَّهَادَةُ إنْ كَانَا يَرَيَانِهِمَا يَتَّقِيَانِ بِهِ اتِّقَاءَ الْبَصِيرِ وَيَتَصَرَّفَانِ تَصْرِفَهُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ جَنَيْت عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَأَنْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَقَالَ ضَرَبْتهَا وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ قَبْلَ ضَرْبَتِهَا، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعَةِ أُذُنُهُ بِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ أُذُنٌ صَحِيحَةٌ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ مُسَجًّى بِثَوْبٍ فَقَطَعَهُ بِاثْنَيْنِ فَقَالَ قَطَعْته وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ جَاءَ قَوْمًا فِي بَيْتٍ فَهَدَمَهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ هَدَمْته وَهُمْ مَوْتَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى أَوْلِيَائِهِمْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْحَيَاةَ كَانَتْ فِيهِمْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَإِذَا أَقَامُوهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْجَانِي حَتَّى تَثْبُتَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ لَهُمْ مَوْتٌ قَبْلَ الْجِنَايَةِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الَّذِينَ هُدِمَ عَلَيْهِمْ الْبَيْتُ عَلَى الْحَيَاةِ الَّتِي قَدْ عَرَفْت مِنْهُمْ حَتَّى يُقِيمَ الَّذِي هَدَمَ عَلَيْهِمْ الْبَيْتَ أَنَّهُمْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَهْدِمَهُ. .
الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا لَقِيتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَا الْمُنْبَسِطَةِ غَيْرِ الشَّلَّاءِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْقَبِضُ وَلَا تَنْبَسِطُ أَوْ كَانَ انْبِسَاطُهَا بِلَا انْقِبَاضٍ أَوْ انْقِبَاضُهَا بِغَيْرِ انْبِسَاطٍ عَقْلٌ مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ عَقْلُهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا صَحِيحَةً تَنْقَبِضُ وَتَنْبَسِطُ فَأَمَّا إذَا بَلَغَتْ هَذَا فَكَانَتْ لَا تَنْقَبِضُ وَلَا تَنْبَسِطُ فَإِنَّمَا فِيهَا حُكُومَةٌ، فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولُوا فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَلَا يَكُونُ فِيهَا عَقْلٌ مَعْلُومٌ وَأَنَا أَحْفَظُ عَنْ عَدَدٍ مِنْهُمْ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ هَذَا وَبِهِ أَقُولُ وَيَكُونُ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَكُلُّ مَا قُلْت فِيهِ حُكُومَةٌ فَأَحْسَبُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَانَ حُكُومَةٌ إلَّا بِأَنْ يُقَالَ اُنْظُرُوا كَأَنَّهَا جَارِيَةٌ فُقِئَتْ عَيْنٌ لَهَا قَائِمَةٌ كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَعَيْنُهَا قَائِمَةٌ بِبَيَاضٍ أَوْ ظُفْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا قِيمَتُهَا وَعَيْنُهَا قَائِمَةٌ هَكَذَا خَمْسُونَ دِينَارًا، قِيلَ فَكَمْ قِيمَتُهَا الْآنَ حِينَ بُخِقَتْ عَيْنُهَا فَصَارَتْ إلَى هَذَا وَبَرَأَتْ؟ فَإِنْ قَالُوا أَرْبَعُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute