وَلَا حُكْمَ مِنْ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ فَكَانَتْ مُحْصَنَةً مَقْذُوفَةً.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَرَأَيْت إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ حَدَثَ لَهَا وَلَدٌ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ فَانْتَفَى مِنْهُ بِأَنْ قَذَفَهَا وَالْقَذْفُ كَانَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ كَيْفَ لَاعَنْت بَيْنَهُمَا؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا أَلْحَقْت الْوَلَدَ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا مِنْهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَجَعَلْت حُكْمَ وَلَدِهَا مِنْهُ غَيْرَ حُكْمِهَا مُنْفَرِدَةً دُونَ الْوَلَدِ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً فَكَذَلِكَ لَاعَنْت بَيْنَهُمَا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً أَلَا تَرَى أَنَّهَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ كَهِيَ لَوْ كَانَتْ مَعَهُ وَكَذَلِكَ يَلْتَعِنُ وَيَنْفِيهِ وَإِذَا نَفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَلَدَ وَهِيَ زَوْجَةٌ فَأَزَالَ الْفِرَاشَ كَانَ الْوَلَدُ بَعْدَمَا تَبِينُ أَوْلَى أَنْ يُنْفَى أَوْ فِي مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ تَبِينَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ قَدْ وَلَدْت هَذَا الْوَلَدَ وَلَيْسَ بِابْنِي قِيلَ لَهُ مَا أَرَدْت؟ فَإِنْ قَالَ زَنَتْ بِهِ لَاعَنَ أَوْ حُدَّ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ وَإِذَا لَاعَنَ نُفِيَ عَنْهُ وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يُنْفَ عَنْهُ وَلَمْ يُلَاعِنْ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفَهَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ أَوْ لَاعَنَ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ قَدْ تُسْتَدْخَلُ الْمَرْأَةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَتَحْبَلُ فَلِذَلِكَ لَمْ أَجْعَلْهُ قَذْفًا وَلَا أُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا فَيُحَدَّ أَوْ يَلْتَعِنَ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ اللِّعَانَ لَا غَيْرُ وَلَوْ قَالَ قَدْ حَبَسَك رَجُلٌ أَوْ فَتَّشَك أَوْ نَالَ مِنْك مَا دُونَ الْجِمَاعِ لَمْ يُلَاعِنْهَا لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَذْفٍ فِي زِنًا وَعُزِّرَ لَهَا إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَصَابَك رَجُلٌ فِي دُبُرِك فَطَلَبَتْ ذَلِكَ حُدَّ أَوْ لَاعَنَ لِأَنَّ هَذَا جِمَاعٌ يَجِبُ عَلَيْهَا بِهِ الْحَدُّ وَلَا يُحَدُّ لَهَا إلَّا فِي الْقَذْفِ بِجِمَاعٍ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ حَدٌّ لَوْ فَعَلَتْهُ وَحُدَّ عَلَى مُجَامَعَتِهَا إذَا كَانَ حَرَامًا وَلَوْ قَالَ لَهَا عَبِثَتْ بِك امْرَأَةٌ فَأَفْحَشُ لَمْ يُحَدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ وَيُعَزَّرُ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهَا رَكِبْت أَنْتِ رَجُلًا حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْك كَانَ قَذْفًا يُلَاعِنُ بِهِ أَوْ يُحَدُّ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا مَعًا الْحَدَّ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَك فَلَا لِعَانَ وَيُحَدُّ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَمَا تَبِينُ مِنْهُ زَنَيْت وَأَنْتِ امْرَأَتِي وَلَا وَلَدَ وَلَا حَبَلَ يَنْفِيهِ حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فَطَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّ أُمِّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَإِذَا طَلَبَتْهُ أُمُّهَا أَوْ وَكِيلُهَا حُدَّ لَهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عَلَى مَا قَالَ: قَالَ وَمَتَى طَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ أَوْ يُحَدَّ وَلَوْ طَلَبْنَاهُ جَمِيعًا حُدَّ لِلْأُمِّ مَكَانَهُ وَقِيلَ لَهُ الْتَعِنْ لِامْرَأَتِك فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُبِسَ حَتَّى يَبْرَأَ جِلْدُهُ فَإِذَا بَرَأَ حُدَّ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَمَتَى أَبَى اللِّعَانَ فَجَلَدْتُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَنَا أَلْتَعِنُ قَبِلْت رُجُوعَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا سَوْطٌ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا مَضَى مِنْ الضَّرْبِ.
أَيْنَ يَكُونُ اللِّعَانُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ» فَإِذَا لَاعَنَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَكَّةَ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَإِذَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِذَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَسْجِدِهِ وَكَذَلِكَ يُلَاعِنُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ فِي مَسْجِدِ كُلِّ بَلَدٍ قَالَ وَيَبْدَأُ فَيُقِيمُ الرَّجُلَ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ فَيَلْتَعِنُ ثُمَّ يُقِيمُ الْمَرْأَةَ قَائِمَةً فَتَلْتَعِنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا عِلَّةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَهَا فَيَلْتَعِنُ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا الْتَعَنَ الزَّوْجُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ مُشْرِكَةً الْتَعَنَ الزَّوْجُ فِي الْمَسْجِدِ وَالزَّوْجَةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَحَيْثُ تُعَظِّمُ وَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أَنْ تُحْضِرَ الزَّوْجَ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا حَضَرَتْهُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَاعَنَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute