الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَتُضْرَبُ الرِّجَالُ فِي الْحُدُودِ قِيَامًا وَفِي التَّعْزِيرِ وَتُتْرَكُ لَهُمْ أَيْدِيهمْ يَتَّقُونَ بِهَا وَلَا تُرْبَطُ وَلَا يُمَدُّونَ وَتُضْرَبُ النِّسَاءُ جُلُوسًا: وَتُضَمُّ عَلَيْهِنَّ ثِيَابُهُنَّ وَيُرْبَطْنَ لِئَلَّا يَنْكَشِفْنَ وَيُلَيَّنُ رِبَاطُ ثِيَابِهِنَّ أَوْ تَلِيه مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ.
، وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ رَجُلًا مَيِّتًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا يَأْخُذُ بِحَدِّ الْمَيِّتِ إلَّا الْوَلَدُ أَوْ الْوَالِدُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَأْخُذُ أَيْضًا الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يَأْخُذُ حَدَّ الْمَيِّتِ وَلَدُهُ وَعُصْبَتُهُ مَنْ كَانُوا.
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَهُوَ يَجْحَدُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: إذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ خَبَرُهُ حَبَسَهُ حَتَّى يُلَاعِنَ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: إذَا جَحَدَ ضَرَبْتُهُ الْحَدَّ وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَى اللِّعَانِ مِنْهَا إذَا جَحَدَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ مُسْلِمَةً وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا وَجَحَدَ شَهَادَتَهُمَا قِيلَ لَهُ: إنْ لَاعَنْت خَرَجْت مِنْ الْحَدِّ وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ حَدَدْنَاك.
بَابُ النِّكَاحِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى فَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: نِسَاؤُهَا أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ عَمِّهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: نِسَاؤُهَا أُمُّهَا وَخَالَاتُهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَدَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا وَنِسَاؤُهَا نِسَاءُ عُصْبَتِهَا الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْعَمِّ وَلَيْسَ الْأُمَّ وَلَا الْخَالَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَنَاتُ عُصْبَتِهَا مِنْ الرِّجَالِ وَنِسَاؤُهَا اللَّاتِي يُعْتَبَرُ عَلَيْهَا بِهِنَّ مَنْ كَانَ مِثْلَهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهَا وَفِي سِنِّهَا وَجَمَالِهَا وَمَالِهَا وَأَدَبِهَا وَصَرَاحَتِهَا لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْحَالَاتِ.
. وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ ابْنَ أَخِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ يَتِيمٌ فِي حِجْرِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: النِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا أَدْرَكَ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ إذَا زَوَّجَ الْوَلِيُّ فَلَا خِيَارَ وَهُوَ مِثْلُ الْأَبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الصِّغَارِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا مِنْ النِّسَاءِ إلَّا أَنْ يُزَوِّجَهُنَّ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ آبَاءٌ وَإِذَا زَوَّجَهُنَّ أَحَدٌ سِوَاهُمْ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ فِيهِ وَإِنْ كَبُرَا فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فَأَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وَلَا إيلَاؤُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً قَطُّ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَامْرَأَةَ أَبِيهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: هُوَ جَائِزٌ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَبِهِ يَأْخُذُ تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ امْرَأَةَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاِبْنَتَهُ جَمِيعًا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهَا نِكَاحُ صَاحِبَتِهَا فَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَاِبْنَتِهِ مِنْ غَيْرهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ زَعَمْت أَنَّ الْآبَاءَ يُزَوِّجُونَ الصِّغَارَ قِيلَ: «زَوَّجَ أَبُو بَكْرٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَبَنَى بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ» فَالْحَالَانِ اللَّذَانِ كَانَ فِيهِمَا النِّكَاحُ وَالدُّخُولُ كَانَا وَعَائِشَةُ صَغِيرَةٌ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهَا فِي نَفْسِهَا وَزَوَّجَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ صَغِيرَةً فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِذَا: أَجَزْت هَذَا لِلْآبَاءِ وَلَمْ تَلْتَفِتْ إلَى الْقِيَاسِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدُ عَلَى حُرَّةٍ صَغِيرَةٍ نِكَاحٌ ثُمَّ يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِيَارٌ إلَّا فِي الْإِمَاءِ إذَا تَحَوَّلَتْ حَالُهُنَّ وَالْحَرَائِرُ لَا تُحَوَّلُ حَالُهُنَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute