يُعْطِيَ مُكَاتَبًا مِنْهُ دِرْهَمًا، وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَإِنْ بَلَغَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ رِقَابٍ لَمْ يُجْزِهِ أَقَلُّ مِنْ عِتْقِ ثَلَاثِ رِقَابٍ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَ رِقَابٍ وَبَلَغَ أَقَلَّ مِنْ رَقَبَتَيْنِ يَجِدُهُمَا ثَمَنًا وَفَضَلَ فَضْلٌ جَعَلَ الرَّقَبَتَيْنِ أَكْثَرَ ثَمَنًا حَتَّى يَذْهَبَ فِي رَقَبَتَيْنِ، وَلَا يَحْبِسُ شَيْئًا لَا يَبْلُغُ رَقَبَةً، وَهَكَذَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْ رَقَبَتَيْنِ وَزَادَ عَلَى رَقَبَةٍ، وَيُجْزِيهِ أَيُّ رَقَبَةٍ اشْتَرَى صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً، أَوْ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَزْكَى الرِّقَابِ وَخَيْرُهَا وَأَحْرَاهَا أَنْ يَفُكَّ مِنْ سَيِّدِهِ مِلْكَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الثُّلُثِ سَعَةٌ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ رِقَابٍ فَقِيلَ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك إقْلَالُ الرِّقَابِ وَاسْتِغْلَاؤُهَا، أَوْ إكْثَارُهَا وَاسْتِرْخَاصُهَا؟ قَالَ: إكْثَارُهَا وَاسْتِرْخَاصُهَا أَحَبُّ إلَيَّ، فَإِنْ قَالَ وَلِمَ؟؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَيَزِيدُ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ».
بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْغَارِمِينَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي الْغَارِمِينَ فَالْقَوْلُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ فِي غَارِمِي الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ مَالُهُ، وَفِي أَقَلِّ مَا يُعْطَاهُ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا كَالْقَوْلِ فِي الْفُقَرَاءِ وَالرِّقَابِ، وَفِي أَنَّهُ يُعْطَى الْغَارِمُونَ بِقَدْرِ غُرْمِهِمْ كَالْقَوْلِ فِي الْفُقَرَاءِ لَا يَخْتَلِفُ، وَيُعْطَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ عَلَيْهِمْ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَوْ أَعْطَوْهُ فِي دَيْنِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَسَعَ.
بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِثُلُثِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُعْطِيه مَنْ أَرَادَ الْغَزْوَ لَا يَجْزِي عِنْدِي غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ أَعْطَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَذْهَبُ إلَى غَيْرِ الْغَزْوِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَا أُرِيدَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَالْقَوْلُ فِي أَنْ يُعْطَاهُ مَنْ غَزَا مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ مَالُ الْمُوصِي وَيَجْمَعُ عُمُومَهُمْ، وَإِنْ يُعْطُوا بِقَدْرِ مَغَازِيهِمْ إذَا بَعُدَتْ وَقَرُبَتْ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي أَنْ تُعْطَى الْمَسَاكِينُ بِقَدْرِ مَسْكَنَتِهِمْ لَا يَخْتَلِفُ، وَفِي أَقَلِّ مَنْ يُعْطَاهُ، وَفِي مُجَاوَزَتِهِ إلَى بَلَدِ غَيْرِهِ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي الْمَسَاكِينِ لَا يَخْتَلِفُ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطَوْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ، أَوْ فِي سَبِيل الْبِرِّ، أَوْ فِي سَبِيلِ الثَّوَابِ جُزِّئَ أَجْزَاءً فَأُعْطِيه ذُو قَرَابَتِهِ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ، وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ، وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ، وَالْغُزَاةُ، وَابْنُ السَّبِيلِ، وَالْحَاجُّ، وَدَخَلَ الضَّيْفُ وَابْنُ السَّبِيلِ وَالسَّائِلُ وَالْمُعْتَرُّ فِيهِمْ، أَوْ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا يُجَزِّئُ عِنْدِيِّ غَيْرُهُ أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ لِكُلِّ صِنْفُ مِنْهُمْ سَهْمٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْوَصِيُّ ضَمِنَ سَهْمَ مَنْ مَنَعَهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ حَبَسَ لَهُ سَهْمَهُ حَتَّى يَجِدَهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ يُنْقَلَ إلَى أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ بِهِ مِمَّنْ فِيهِ ذَلِكَ الصِّنْفُ فَيُعْطُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute