وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنْ لَا تُنْكَحَ نِسَاءُ الْمَجُوسِ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ فَلَمَّا دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ حُكْمَانِ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تُنْكَحُ نِسَاؤُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نِعْمَتَهُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَمَا آتَاهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ دَهْرِهِمْ كَانَ مَنْ دَانَ دِينَ بَنِي إسْرَائِيلَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ فِي غَيْرِ مَعْنَى مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَنْ يَنْكِحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْكِتَابِ بِأَنَّ آبَاءَهُمْ كَانُوا غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنْ غَيْرِ نَسَبِ بَنِي إسْرَائِيلَ فَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ إلَّا بِمَعْنَى لَا أَهْلَ كِتَابٍ مُطْلَقٍ فَلَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَنْكِحَ نِسَاءَ أَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ غَيْرَ بَنِي إسْرَائِيلَ دَانَ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِحَالٍ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَارِي، أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَا نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ وَمَا تَحِلُّ لَنَا ذَبَائِحُهُمْ وَمَا أَنَا بِتَارِكِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا، أَوْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ يَدِينُ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى نُكِحَ نِسَاؤُهُ وَأُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ وَمَنْ نُكِحَ نِسَاؤُهُ فَسُبِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وُطِئَ بِالْمِلْكِ وَمَنْ دَانَ دِينَ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَمْ تُنْكَحْ نِسَاؤُهُ، وَلَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ، وَلَمْ تُوطَأْ أَمَتُهُ، وَإِذَا لَمْ تُنْكَحْ نِسَاؤُهُمْ، وَلَمْ تُوطَأْ مِنْهُمْ أَمَةٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَمْ تُنْكَحْ مِنْهُمْ امْرَأَةٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِنْ كَانَ الصَّابِئُونَ وَالسَّامِرَةُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَدَانُوا دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلِأَصْلِ التَّوْرَاةِ وَلِأَصْلِ الْإِنْجِيلِ نُكِحَتْ نِسَاؤُهُمْ وَأُحِلَّتْ ذَبَائِحُهُمْ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي فَرْعٍ مِنْ دِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فُرُوعٌ قَدْ يَخْتَلِفُونَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي أَصْلِ التَّوْرَاةِ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبَائِحُهُمْ وَلَمْ تُنْكَحْ نِسَاؤُهُمْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ بِدِينِهِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ حَلَّ ذَلِكَ مِنْهُ حَيْثُمَا كَانَ مُحَارِبًا، أَوْ مُهَادِنًا، أَوْ مُعْطِيًا لِلْجِزْيَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ غَيْرَ أَنِّي أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ النِّكَاحَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ وَالسِّبَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَنْ ارْتَدَّ مِنْ نِسَاءِ الْيَهُودِ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مِنْ نِسَاءِ النَّصَارَى إلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوْ رِجَالِهِمْ لَمْ يُقَرُّوا عَلَى الْجِزْيَةِ وَلَمْ يُنْكَحْ مَنْ ارْتَدَّ عَنْ أَصْلِ دِينِ آبَائِهِ وَكَذَلِكَ إذَا ارْتَدُّوا إلَى مَجُوسِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الشِّرْكِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُخِذَ مِنْهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى دِينِهِمْ فَإِذَا بَدَّلُوهُ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ حَالَتْ حَالُهُمْ عَمَّا أُخِذَ إذَنْ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عَلَيْهِ وَأُبِيحَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.
تَبْدِيلُ أَهْلِ الْجِزْيَةِ دِينَهُمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَصْلُ مَا نَبْنِي عَلَيْهِ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ دَانَ دِينَ كِتَابِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ آبَاؤُهُ، أَوْ هُوَ دَانَ ذَلِكَ الدِّينَ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَتُقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَثْبُتُ عَلَى دِينِهِ وَدِينِ آبَائِهِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ مَا ثَبَتُوا عَلَى الْأَدْيَانِ الَّتِي أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ عَلَيْهَا فَإِنْ بَدَّلَ يَهُودِيٌّ دِينَهُ بِنَصْرَانِيَّةٍ، أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيٌّ دِينَهُ بِمَجُوسِيَّةٍ، أَوْ بَدَّلَ مَجُوسِيٌّ دِينَهُ بِنَصْرَانِيَّةٍ أَوْ انْتَقَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ دِينِهِ إلَى غَيْرِ دِينِهِ مِنْ الْكُفْرِ مِمَّا وَصَفْت أَوْ التَّعْطِيلُ، أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَقِيلَ: إنْ رَجَعْت إلَى دِينِك أَخَذْنَا مِنْك الْجِزْيَةَ، وَإِنْ أَسْلَمْت طَرَحْنَا عَنْك فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَنَأْخُذُ مِنْك حِصَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute