الرُّكُوبَ عَمَلٌ أَكْثَرُ مِنْ النُّزُولِ، وَالنَّازِلُ إلَى الْأَرْضِ أَوْلَى بِتَمَامِ الصَّلَاةِ مِنْ الرَّاكِبِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا مُقَاتِلًا صَلَّى وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، وَهُوَ مُقَاتِلٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ ثُمَّ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ الْأُولَى، بَنَى عَلَى صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَلَمْ يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ الْأُولَى كَمَا إذَا صَلَّى قَاعِدًا ثُمَّ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا الْقِيَامُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لَمْ يَتَقَدَّمُوا فَإِنْ احْتَاجُوا إلَى التَّقَدُّمِ لِخَوْفٍ تَقَدَّمُوا رُكْبَانًا وَمُشَاةٍ، وَكَانُوا فِي صَلَاتِهِمْ بِحَالِهِمْ، وَإِنْ تَقَدَّمُوا بِلَا حَاجَةٍ، وَلَا خَوْفٍ فَكَانَ كَتَقَدُّمِ الْمُصَلِّي إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ يُصَلِّي فِيهِ فَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ إلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ ابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ، وَكَانَ هَذَا كَالْإِفْسَادِ لِلصَّلَاةِ، وَهَكَذَا إذَا احْتَاجُوا إلَى رُكُوبٍ رَكِبُوا، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ وَرَكِبُوا ابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ، وَلَوْ كَانُوا رُكْبَانًا فَنَزَلُوا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِيُصَلُّوا بِالْأَرْضِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ النُّزُولَ عَمَلٌ خَفِيفٌ، وَصَلَاتُهُمْ بِالْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ صَلَاتِهِمْ رُكْبَانًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ كَامِنَةً لِلْعَدُوِّ أَوْ مُتَوَارِيَةً عَنْهُ بِشَيْءٍ مَا كَانَ خَنْدَقًا أَوْ بِنَاءً أَوْ سَوَادَ لَيْلٍ فَخَافُوا إنْ قَامُوا لِلصَّلَاةِ رَآهُمْ الْعَدُوُّ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً مُمْتَنِعِينَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا إلَّا قِيَامًا كَيْفَ أَمْكَنَتْهُمْ الصَّلَاةُ فَإِنْ صَلَّوْا جُلُوسًا فَقَدْ أَسَاءُوا، وَعَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ مَنَعَةٌ، وَكَانُوا يَخَافُونَ إنْ قَامُوا أَنْ يُرَوْا، فَيَصْطَلِحُوا صَلَّوْا قُعُودًا، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ يَرَوْنَهُمْ مُطِلِّينَ عَلَيْهِمْ، وَدُونَهُمْ خَنْدَقٌ أَوْ حِصْنٌ أَوْ قَلْعَةٌ أَوْ جَبَلٌ لَا يَنَالُهُ الْعَدُوُّ إلَّا بِتَكَلُّفٍ لَا يَغِيبُ عَنْ أَبْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَبْصَارِ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَحْرُسُهُمْ لَمْ يَجْزِهِمْ أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا، وَلَا غَيْرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَلَا يُومِئُونَ، وَلَا تَجُوزُ لَهُمْ الصَّلَاةُ يُومِئُونَ وَجُلُوسًا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ إلَّا فِي حَالِ مُنَاظَرَةِ الْعَدُوِّ، وَمُسَاوَاتِهِ، وَإِطْلَالِهِ، وَقُرْبِهِ حَتَّى يَنَالَهُمْ سِلَاحٌ إنْ أَشْرَعَهَا إلَيْهِمْ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّعْنِ، وَالضَّرْبِ، وَيَكُونُ حَائِلٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَلَا تَمْنَعُهُمْ طَائِفَةٌ حَارِسَةٌ لَهُمْ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا جَازَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا رِجَالًا، وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْخَوْفِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ أُسِرَ رَجُلٌ فَمُنِعَ الصَّلَاةَ فَقَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَهَا مُومِيًا صَلَّاهَا، وَلَمْ يَدَعْهَا، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ، وَصَلَّاهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّاهَا مُتَيَمِّمًا وَكَذَلِكَ إنْ حُبِسَ تَحْتَ سَقْفٍ لَا يَعْتَدِلُ فِيهِ قَائِمًا أَوْ رُبِطَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رُكُوعٍ، وَلَا عَلَى سُجُودٍ صَلَّاهَا كَيْفَ قَدَرَ، وَلَمْ يَدَعْهَا، وَهِيَ تُمْكِنُهُ بِحَالٍ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ قَضَاءُ مَا صَلَّى هَكَذَا مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ، وَكَذَلِكَ إنْ مُنِعَ الصَّوْمَ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مَتَى أَمْكَنَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ حُمِلَ عَلَى شُرْبِ مُحَرَّمٍ أَوْ أَكْلِ مُحَرَّمٍ يَخَافُ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَفَعَلَهُ، فَعَلَيْهِ إنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَتَقَايَأَ أَنْ يَتَقَايَأَ.
إذَا صَلَّى، وَهُوَ مُمْسِكٌ عِنَانَ دَابَّتِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الْخَوْفِ مُمْسِكًا عِنَانَ دَابَّتِهِ فَإِنْ نَازَعَتْهُ فَجَبَذَهَا إلَيْهِ جَبْذَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَثُرَتْ مجابذته إيَّاهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَدْ قَطَعَ صَلَاتَهُ، وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ جَبَذَتْهُ فَانْصَرَفَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَ مَكَانَهُ عَلَى الْقِبْلَةِ لَمْ تُقْطَعْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَالَ انْحِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَمْ يَنْحَرِفْ إلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute