للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَ الْكَلَامَ فَقَالَ هُوَ لِهَذَا، بَلْ هُوَ لِهَذَا كَانَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمُقِرِّ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِ إقْرَارٍ قَدْ قَطَعَهُ لِآخَرَ بِأَنْ يُخْرِجَهُ إلَى آخَرَ، وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ بِمَا لَا يَمْلِكُ لِرَجُلٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَيَشْهَدُ بِهِ لِآخَرَ قَالَ، وَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَخَذَ الدَّيْنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مِمَّا فِي يَدَيْ الْوَارِثَيْنِ جَمِيعًا إذَا حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَخَذَ مِنْ يَدَيْ الشَّاهِدِ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ لَوْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ مَوْجُودًا فِي شَهَادَتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ فِي يَدَيْ الْمُقِرِّ حَقٌّ وَفِي يَدَيْ الْجَاحِدِ حَقٌّ، فَأَعْطَيْتُهُ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَمْ أُعْطِهِ مِنْ الْجَاحِدِ شَيْئًا وَلَيْسَ هَذَا كَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ذَاكَ كَمَا لَمْ يَتْرُكْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَلْفَيْنِ فَهَلَكَتْ إحْدَاهُمَا وَثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفٌ أُخِذَتْ الْأَلْفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ لِرَجُلٍ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَخَذَ ثُلُثَ الْأَلْفِ، وَكَانَتْ الْهَالِكَةُ كَمَا لَمْ يَتْرُكْ، وَلَوْ قَسَّمَ الْوَرَثَةُ مَالَهُ اتَّبَعَ أَهْلُ الدَّيْنِ وَأَهْلُ الْوَصِيَّةِ كُلَّ وَارِثٍ بِمَا صَارَ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَأْخُذُوا مِنْ يَدَيْهِ بِقَدْرِ مَا صَارَ لَهُمْ، وَلَوْ أَفْلَسُوا، فَأُعْطِيَ أَهْلُ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ مِنْ يَدَيْ مَنْ لَمْ يُفْلِسْ رَجَعَ بِهِ عَلَى مَنْ أَفْلَسَ وَهَذَا الشَّاهِدُ لَا يَرْجِعُ أَبَدًا عَلَى أَخِيهِ بِشَيْءٍ إنَّمَا هُوَ أَقَرَّ بِهِ قَالَ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ رَجُلًا وَارِثًا وَاحِدًا، فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّ لَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بَعْدُ لِهَذَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْآخَرِ شَيْئًا وَسَوَاءٌ دَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ، أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ زَعَمْت أَنَّهُ إذَا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِلْآخَرِ ضَمِنَ لِلْآخَرِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْأَوَّلِ قُلْت كَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ مِنْ قِبَلِ أَنِّي إذَا أَجَزْت إقْرَارَهُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَرَدْت أَنْ أُخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ يَدَيْ الْأَوَّلِ إلَى الْآخَرِ بِإِقْرَارٍ كُنْت أَقْرَرْت فِي مَالِ غَيْرِي فَلَا أَكُونُ ضَامِنًا لِذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَارِثُ إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا بِالْمِيرَاثِ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، أَوْ لَا تَجُوزُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قِبَلِ أَنْ لَا أَقْبَلَ شَهَادَتَهُ فِي شَيْءٍ قَدْ أَقَرَّ بِهِ لِرَجُلٍ وَخَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ إلَيْهِ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ، أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ قَالَ، بَلْ، أَوْصَى بِهِ لِهَذَا لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ مِنْ قِبَلِ أَنِّي قَدْ أَلْزَمْته أَنْ أُخْرِجَ مِنْ يَدَيْهِ ثُلُثَ مَالِ أَبِيهِ إلَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ إخْرَاجَهُ إلَى غَيْرِهِ جَعَلْته خَصْمًا لِلَّذِي اسْتَحَقَّهُ أَوَّلًا بِإِقْرَارِهِ فَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ خَصْمٌ لَهُ، قَالَ، وَلَوْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ، ثُمَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ، أَوْ وَصِيَّةٌ بِشَهَادَةِ وَارِثٍ، أَوْ غَيْرِ وَارِثٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ إنْ تَطَوَّعْتُمْ أَنْ تُؤَدُّوا عَلَى هَذَا دَيْنَهُ وَتَثْبُتُونَ عَلَى الْقَسْمِ فَذَلِكَ وَإِنْ أَبَيْتُمْ بِعْنَا لِهَذَا فِي أَحْضَرَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ وَنَقَضْنَا الْقَسْمَ بَيْنَكُمْ وَلَمْ نَبِعْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَلَا بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ دَارًا وَأَرْضًا وَرَقِيقًا وَثِيَابًا وَدَرَاهِمَ وَتَرَكَ دَيْنًا أَعْطَيْنَا صَاحِبَ الدَّيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْحَاضِرَةِ وَلَمْ نَحْبِسْهُ عَلَى غَائِبٍ يُبَاعُ وَلَمْ نَبِعْ لَهُ مَالَ الْمَيِّتِ كُلَّهُ وَبِعْنَا لَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ، أَوْ وَصِيَّتِهِ

الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابِ الْقَاضِي

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابِ الْقَاضِي فِي كُلِّ حَقٍّ لِلْآدَمِيِّينَ مِنْ مَالٍ، أَوْ حَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ وَفِي كُلِّ حَدٍّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجُوزُ، وَالْآخَرُ لَا تَجُوزُ مِنْ قِبَلِ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ، فَمَنْ قَالَ تَجُوزُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَأَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ بِالزِّنَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَصِفُوا زِنًا وَاحِدًا وَفِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَثْبُتَ الشَّاهِدَانِ عَلَى رُؤْيَةِ الزِّنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>