الْأُولَى، وَإِنْ أُعْتِقَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ بِسَاعَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَكْمَلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ وَهِيَ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ فِي عَامَّةِ أَمْرِهَا. فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ تَرِثْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا. وَإِنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ عَتَقَتْ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا عِدَّةَ الْأَمَةِ وَقَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْحُرَّةِ تَوَارَثَا وَيَقَعُ عَلَيْهَا إيلَاؤُهُ وَطَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَمَا يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
(قَالَ): وَإِذَا كَانَ طَلَاقُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَظِهَارُهُ يَقَعُ عَلَيْهَا إذَا طَلُقَتْ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَعَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، إلَّا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الَّتِي لَزِمَتْهَا بِالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ عَبْدٍ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهَا وَكَانَ اخْتِيَارُهَا فِرَاقَهُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَتُكْمِلُ مِنْهُ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحْدَثَ لَهَا رَجْعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُصِبْهَا بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَمْ تُمَسَّ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى إكْمَالُ عِدَّةِ حُرَّةٍ. وَلَوْ كَانَ طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَبْنِيَ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى وَأَنْ لَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ وَلَا إيلَاؤُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ لَوْ كَانَا فِي تِلْكَ الْحَالِ حُرَّيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُكْمِلَ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَلَا تَكُونُ حُرَّةً تُكْمِلُ عِدَّةَ أَمَةٍ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا ذَهَبَ إلَى أَنْ يَقِيسَهُ عَلَى الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ. وَقَالَ الْمَرْأَةُ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ ثُمَّ تَحِيضُ تَسْتَقْبِلُ الْحَيْضَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي بَعْضِ عِدَّتِهَا مِمَّنْ تَحِيضُ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَيَقُولُ وَهَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي بَعْضِ عِدَّتِهَا حُرَّةً وَهِيَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ وَقَالَ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَنْوِي الْمُقَامَ يُتِمُّ أَرْبَعًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ مُقِيمًا يُصَلِّي صَلَاةَ مُسَافِرٍ وَهَذَا أَشْبَهَ الْقَوْلَيْنِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - بِالْقِيَاسِ.
(قَالَ): وَالْأَمَةُ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ قَضَتْهُمَا كَمَا تَقْضِيهِمَا الْحُرَّةُ وَهِيَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْإِحْدَادِ كَالْحُرَّةِ يَثْبُتُ عَلَيْهَا مَا يَثْبُتُ عَلَى الْحُرَّةِ وَيُرَدُّ عَنْهَا مَا يُرَدُّ عَنْهَا.
اسْتِبْرَاء أُمّ الْوَلَدِ
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا قَالَ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا اسْتَبْرَأَتْ بِحَيْضَةٍ وَلَا تَحِلُّ مِنْ الْحَيْضَةِ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ فَإِذَا رَأَتْهُ حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ. وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ فَاسْتَيْقَنَتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِنْ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا بِحَيْضَةٍ مِنْ سَاعَةِ يَقِينِهَا ثُمَّ حَلَّتْ.
(قَالَ): وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَأَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا. وَإِنْ اسْتَرَابَتْ لَمْ تُنْكَحْ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ وَهِيَ كَالْحُرَّةِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْعِدَّةِ سَوَاءٌ. وَإِذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ مِنْهُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ لَمْ تَرْضَ. فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا وَلَمْ يَمُتْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ مِنْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ فَرْجَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَاحَهُ لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ وَعِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ سَيِّدُهَا لَمْ تَسْتَبْرِئْ مِنْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ فَرْجَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِعِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute