الْحُرَّ الزَّانِيَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ لَقِيت أَنْ لَا رَجْمَ عَلَى عَبْدٍ ثَيِّبٍ.
(قَالَ): وَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي الْمَوْتِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُسْتَبْرَأَ الْأَمَةُ بِحَيْضَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ فِي الْحَرَائِرِ اسْتِبْرَاءً وَتَعَبُّدًا، وَكَذَلِكَ الْحَيْضَةُ فِي الْأَمَةِ اسْتِبْرَاءٌ وَتَعَبُّدٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِيمَا كَانَ لَهُ نِصْفٌ مَعْدُودٌ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَلَمْ يَجُزْ إذْ وَجَدْنَا مَا وَصَفْت مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى الْفَرْقِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ بَيْنَ عِدَّةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ عِدَّةُ الْأَمَةِ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِيمَا لَهُ نِصْفٌ وَذَلِكَ الشُّهُورُ. فَأَمَّا الْحَيْضُ فَلَا يُعْرَفُ لَهُ نِصْفٌ فَتَكُونُ عِدَّتُهَا فِيهِ أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ مِنْ النِّصْفِ إذَا لَمْ يَسْقُطْ مِنْ النِّصْفِ شَيْءٌ وَذَلِكَ حَيْضَتَانِ وَلَوْ جَعَلْنَاهَا حَيْضَةً أَسْقَطْنَا نِصْفَ حَيْضَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا مِنْ الْعِدَّةِ شَيْءٌ فَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَا نِصْفَ لَهُ. قَدْ يَكُونُ يَوْمًا مِنْ يَوْمٍ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَسُنَّةً وَأَكْثَرَ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَطْعِ نِصْفٌ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ، وَكَانَ لِلزِّنَا حَدَّانِ أَحَدُهُمَا الْجَلْدُ فَكَانَ لَهُ نِصْفٌ فَجُعِلَ عَلَيْهَا النِّصْفُ وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجْمِ نِصْفٌ فَلَمْ يُجْعَلْ عَلَيْهَا وَلَمْ يُبْطِلْ عَنْهَا حَدَّ الزِّنَا وَحُدَّتْ بِأَحَدِ حَدَّيْهِ عَلَى الْأَحْرَارِ. وَبِهَذَا مَضَتْ الْآثَارُ عَمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَسَوَاءٌ وَالْعِدَّةُ بِهَا، تَعْتَدُّ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ حَيْضَتَيْنِ إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ حَلَّتْ، وَتَعْتَدُّ فِي الشُّهُورِ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ، وَتَعْتَدُّ فِي الْوَفَاةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ، وَفِي الْحَمْلِ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً.
(قَالَ): وَلِزَوْجِهَا فِي الطَّلَاقِ إذَا كَانَتْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَيْهَا مَا عَلَى الْحُرَّةِ فِي عِدَّتِهَا وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا فِي الْعِدَّةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةِ الْحُرَّةِ. وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا سَيِّدُهَا فَيَمْنَعَهَا الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهِ فَتَسْقُطَ النَّفَقَةُ عَنْهُ كَمَا تَسْقُطُ لَوْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَخْرَجَهَا عَنْهُ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَامِلًا مَا لَمْ يُخْرِجْهَا سَيِّدُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَلَمْ نَجِدْ أَثَرًا لَازِمًا وَلَا إجْمَاعًا بِأَنْ لَا يُنْفَقَ عَلَى الْأَمَةِ الْحَامِلِ وَلَوْ ذَهَبْنَا إلَى أَنْ نَزْعُمَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَامِلِ إنَّمَا هِيَ لِلْحَمْلِ كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ لَا تَبْلُغُ بَعْضَ نَفَقَةِ أَمَةٍ وَكَمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ مَوْلُودًا لَمْ تَبْلُغْ نَفَقَتُهُ بَعْضَ نَفَقَةِ أُمِّهِ وَلَكِنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ تَعَبُّدًا، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنْ جَعَلَ لِلْمُطَلَّقَةِ لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا النَّفَقَةَ قِيَاسًا عَلَى الْحَامِلِ فَقَالَ الْحَامِلُ مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ بِغَيْرِ الْحَمْلِ مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ عَنْ الْأَزْوَاجِ، فَذَهَبْنَا إلَى أَنَّهُ غَلَطٌ وَإِنَّمَا أَنْفَقْنَا عَلَى الْحَامِلِ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا بِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ وَقَدْ تَكُونُ مَحْبُوسَةً بِسَبَبِهِ بِالْمَوْتِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَاسْتَدْلَلْنَا بِالسُّنَّةِ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلَّتِي لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا.
(قَالَ): وَالْأَمَةُ فِي النَّفَقَةِ بَعْدَ الْفِرَاقِ وَالسُّكْنَى مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ كَالْحُرَّةِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يُخْرِجَهَا سَيِّدُهَا، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا: قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ ثِقَةً، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ لَوْ اسْتَطَعْت لَجَعَلْتهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا فَقَالَ رَجُلٌ فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا فَسَكَتَ عُمَرُ.
(قَالَ): وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ الْأَمَةَ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ أَمَةٍ وَإِذَا مَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ لَمْ تَعُدْ لِعِدَّةٍ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى عِدَّتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute