بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ رَدُّ السَّلَفِ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إنْفَاقُ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَأَيُّ رَهْنٍ فَسَخْته مِنْ جِهَةِ الشَّرْطِ فِي الرَّهْنِ أَوْ فَسَادِ الرَّهْنِ أَوْ فَسَادِ الْبَيْعِ الَّذِي، وَقَعَ بِهِ الرَّهْنُ لَمْ أُكَلِّفْ الرَّاهِنَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ غَيْرِهِ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ صَحِيحًا وَاسْتَحَقَّ الرَّهْنُ لَمْ أُكَلِّفْ الرَّاهِنَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ غَيْرِهِ قَالَ: وَإِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ غَيْرُ الْمَحْجُورَيْنِ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وَرَهَنَ أَحَدُهُمَا بِهِ صَاحِبَهُ رَهْنًا فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، وَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ وَجِمَاعُ عِلْمِ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ كُلَّ حَقٍّ كَانَ صَحِيحَ الْأَصْلِ فَيَجُوزُ بِهِ الرَّهْنُ وَكُلَّ بَيْعٍ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فَيَفْسُدُ فِيهِ الرَّهْنُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ الْمُشْتَرِي، وَلَا الْمُكْتَرِي مَا بِيعَ أَوْ أَكْرَى لَمْ يَمْلِكْ الْمُرْتَهِنُ الْحَقَّ فِي الرَّهْنِ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ عَلَيْهِ مَا أَعْطَاهُ بِهِ فَإِذَا بَطَلَ مَا أَعْطَاهُ بِهِ بَطَلَ الرَّهْنُ.
وَإِذَا بَادَلَ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا بِعَبْدٍ أَوْ دَارًا بِدَارٍ أَوْ عَرَضًا مَا كَانَ بِعَرَضٍ مَا كَانَ وَزَادَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دَنَانِيرَ آجِلَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ الزَّائِدُ بِالدَّنَانِيرِ رَهْنًا مَعْلُومًا فَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ جَائِزٌ إذَا قُبِضَ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الرَّهْنَ، وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ قَبَضَهُ لَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ وَأَمْرِ صَاحِبِ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ ابْنَ الرَّاهِنِ أَوْ امْرَأَتَهُ أَوْ أَبَاهُ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ قَرَابَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ابْنَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ وَاحِدًا مِمَّنْ سَمَّيْتُ أَوْ عَبْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ فَأَمَّا عَبْدُ الرَّاهِنِ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُهُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ عَبْدِهِ عَنْهُ كَقَبْضِهِ عَنْ نَفْسِهِ. وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَبْدًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِ كَانَ مُتَطَوِّعًا. وَإِنْ رَهَنَهُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لِلرَّاهِنِ فَالْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ رَهْنٌ، وَإِنْ أَدَّى عَنْهَا الْخَرَاجَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ عَنْهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ بِأَمْرِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا الرَّجُلِ يَتَكَارَى الْأَرْضَ مِنْ الرَّجُلِ قَدْ تَكَارَاهَا فَيَدْفَعُ الْمُكْتَرِي الْأَرْضَ كِرَاءَهَا عَنْ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ فَإِنْ دَفَعَهُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الرَّهْنُ بِكُلِّ حَقٍّ لَزِمَ صَدَاقٌ أَوْ غَيْرُهُ وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْلِمِ كَمَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَلِفُ، وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ بِصَدَاقٍ فَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ نِصْفُ الْحَقِّ وَالرَّهْنِ بِحَالِهِ كَمَا يَبْطُلُ الْحَقُّ الَّذِي فِي الرَّهْنِ إلَّا قَلِيلًا وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ رَهْنًا بِتَمْرٍ أَوْ حِنْطَةٍ فَحَلَّ الْحَقُّ فَبَاعَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنَ بِتَمْرٍ أَوْ حِنْطَةٍ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُشْتَرَى بِهَا قَمْحٌ أَوْ تَمْرٌ فيقضاه صَاحِبُ الْحَقِّ، وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُقَارِضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُقَارِضِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ لَهُ مَعْرُوفٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ فَإِذَا بَاعَ بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ ازْدِيَادٌ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ إلَّا فِي مَالِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِنْ رَهَنَ عَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ.
الْعَيْبُ فِي الرَّهْنِ.
(قَالَ: الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الرَّهْنُ رَهْنَانِ فَرَهْنٌ فِي أَصْلِ الْحَقِّ لَا يَجِبُ الْحَقُّ إلَّا بِشَرْطِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ الرَّهْنَ يُسَمِّيَانِهِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَكَانَ بِالرَّهْنِ عَيْبٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ عَيْبٌ فِي فِعْلِهِ يُنْقِصُ ثَمَنَهُ وَعَلِمَ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْبَ قَبْلَ الِارْتِهَانِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَالرَّهْنُ وَالْبَيْعُ ثَابِتَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُرْتَهِنُ فَعَلِمَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِثْبَاتِهِ، وَإِثْبَاتِ الرَّهْنِ لِلنَّقْصِ عَلَيْهِ فِي الرَّهْنِ كَمَا يَكُونُ هَذَا فِي الْبُيُوعِ. وَالْعَيْبُ الَّذِي يَكُونُ لَهُ بِهِ الْخِيَارُ كُلُّ مَا نَقَصَ ثَمَنُهُ مِنْ شَيْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ حَتَّى الْأَثَرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِعَمَلِهِ وَالْفِعْلِ فَإِذَا كَانَ قَدْ عَلِمَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَلَوْ كَانَ قَتَلَ أَوْ ارْتَدَّ وَعَلِمَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute