وَإِنْ رَأَتْ كَمِينًا مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا أَنْ يَنْحَرِفَ بَعْضُهَا إلَيْهِ، وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَيُخَفِّفُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَالْجُلُوسَ فِي تَمَامٍ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِ أَوْ رُهِقَ أَنْ يَصِيرَ إلَى الْقِتَالِ، وَقَطَعَ الصَّلَاةَ هَلْ يَقْضِيهَا بَعْدَهُ، وَالسَّهْوُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَهُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ فَإِنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى إذَا اسْتَيْقَنَتْ أَنَّ الْإِمَامَ سَهَا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي أَمَّهَا فِيهَا سَجَدَتْ لِلسَّهْوِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ سَلَامِهَا، وَلَيْسَ سَبْقُهُمْ إيَّاهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرَكْعَةٍ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ أَخَّرَ سُجُودَهُ حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ بِتَشَهُّدِهَا ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ مَعَهُ، وَلَوْ ذَهَبَ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنَّهُ سَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ خَافَ الْإِمَامُ أَنْ يَذْهَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِمْ لِيَسْجُدُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَفَعَلُوا فَسَجَدُوا حَتَّى انْصَرَفُوا أَوْ انْصَرَفَ هُوَ فَلَا إعَادَةَ، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ ذَهَبَ مَوْضِعُهُ.
الْحَالُ الَّتِي يَجُوزُ لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا فِيهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ إلَّا بِأَنْ يُعَايِنَ عَدُوًّا قَرِيبًا غَيْرَ مَأْمُونٍ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ يَتَخَوَّفُ حَمْلَهُ عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ أَوْ يَأْتِيهِ مَنْ يَصْدُقُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ مِنْهُ أَوْ مَسِيرِهِمْ جَادِّينَ إلَيْهِ فَيَكُونُونَ هُمْ مُخَوَّفِينَ فَإِذَا كَانَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا جَاءَهُ الْخَبَرُ عَنْ الْعَدُوِّ فَصَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لَمْ يُعِدْ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانَ فِي حِصْنٍ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِتَعَبٍ أَوْ غَلَبَةٍ عَلَى بَابٍ أَوْ كَانَ فِي خَنْدَقٍ عَمِيقٍ عَرِيضٍ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِدَفْنٍ يَطُولُ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ حَصِينَةٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ غَيْرِ مُمْتَنِعَةٍ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ خَنْدَقٍ صَغِيرٍ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ رَأَوْا سَوَادًا مُقْبِلًا، وَهُمْ بِبِلَادِ عَدُوٍّ أَوْ بِغَيْرِ بِلَادِ عَدُوٍّ فَظَنُّوهُ عَدُوًّا أَحْبَبْت أَنْ لَا يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَكُلُّ حَالٍ أَحْبَبْت أَنْ لَا يُصَلُّوا فِيهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا كَانَ الْخَوْفُ يُسْرِعُ إلَيْهِمْ أَمَرْت الْإِمَامَ أَنْ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ فَيُكْمِلَ كَمَا يُصَلِّي فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَتَحْرُسُهُ أُخْرَى فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ حَرَسَ، وَمَنْ مَعَهُ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى، وَأَمَرَ بَعْضَهُمْ فَأَمَّهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا آمُرُ الْمُسَلَّحَةَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَنَاظُرًا لِمُسَلَّحَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ تَصْنَعَ إذَا تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْمُسَلَّحَتَيْنِ شَيْئًا، وَكَانَتْ الْمُسَلَّحَتَانِ فِي غَيْرِ حِصْنٍ أَوْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَنَاظَرُونَ بِنَاظِرِ الرَّبِيئَةِ لَا يَتَحَامَلُونَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِي حَالٍ كَرِهْت لَهُمْ فِيهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ أَحْبَبْت لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنْ يُعِيدُوا وَلَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ، وَلَا لِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى وَلَا يَبِينُ أَنَّ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى إعَادَةَ صَلَاةٍ لِأَنَّهَا قَدْ صَلَّتْ بِسَبَبٍ مِنْ خَوْفٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَوْفًا، وَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُصَلِّي فِي غَيْرِ خَوْفٍ بَعْضَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ، وَبَعْضَهَا مُنْفَرِدًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إعَادَةٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ):، وَمَتَى مَا رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا ثُمَّ كَانَ غَيْرَ عَدُوٍّ، وَقَدْ صَلَّى كَصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute