فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَهْمَانَ مَوْلَى الأسلميين عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْت شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْت.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَعْرِفُ جَهْمَانَ وَلَا أُمَّ بَكْرَةَ بِشَيْءٍ يَثْبُتُ بِهِ خَبَرُهُمَا وَلَا يَرُدُّهُ، وَبِقَوْلِ عُثْمَانَ نَأْخُذُ وَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَذَلِكَ أَنِّي رَجَعْت الطَّلَاقَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ شَبِيهًا أَنْ يَقُولَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِدْيَةَ هِيَ فَسْخُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا وَفَسْخُ مَا كَانَ عَلَيْهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِفَسْخِ الْعَقْدِ وَكُلُّ أَمْرٍ نُسِبَ فِيهِ الْفُرْقَةُ إلَى انْفِسَاخِ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إنَّمَا الطَّلَاقُ مَا أُحْدِثَ وَالْعُقْدَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا وَأَحْسَبُ مَنْ قَالَ هَذَا مِنْهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا أَنَّ الْخُلْعَ يَكُونُ فَسْخًا إنْ لَمْ يُسَمَّ طَلَاقًا وَلَيْسَ هَكَذَا حُكْمُ طَلَاقِ غَيْرِهِ فَهُوَ يُفَارِقُ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِهِ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ وَفِي غَيْرِ شَيْءٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ ذَهَبَ الْمَذْهَبَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ الْعَقْدُ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إحْدَاثُ طَلَاقٍ فِيهِ فَإِذَا أَحْدَثَ فِيهِ فُرْقَةً عُدَّتْ طَلَاقًا وَحُسِبَتْ أَقَلَّ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُسَمَّى أَكْثَرُ مِنْهَا وَإِنَّمَا كَانَ لَا رَجْعَةَ لَهُ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضًا وَالْعِوَضُ هُوَ ثَمَنٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ الثَّمَنَ وَيَمْلِكَ الْمَرْأَةَ وَمَنْ مَلَكَ ثَمَنًا لِشَيْءٍ خَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِيمَا مَلَكَهُ غَيْرُهُ وَمَنْ قَالَ: هَذَا مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوْ لَسْت أَجِدُ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ يَنْفَسِخُ فِي رِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ. وَفِي الْأَمَةِ تَعْتِقُ وَفِي امْرَأَةِ الْعِنِّينِ تَخْتَارُ فِرَاقَهُ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ فِي الْمَرْأَةِ يُوجَدُ بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَالرَّجُلُ يُوجَدُ بِهِ أَحَدُ ذَلِكَ فَيَكُونَانِ بِالْخِيَارِ فِي الْمُقَامِ أَوْ الْفُرْقَةِ وَإِنَّمَا الْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا إحْدَاثُ طَلَاقٍ فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْفِدْيَةِ وَأَذِنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ فَاسِخَةً.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَزِمَهُ مَا طَلَّقَ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ وَلَا اثْنَتَيْنِ لِلثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهَا طَلَاقٌ وَذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا كَانَ فِي حُكْمِ اللَّهِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي الْخُلْعِ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهَا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمَةٍ خُلْعٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا مِنْ الْحَرَائِرِ إنَّمَا يُؤْخَذُ مَالُ امْرَأَةٍ جَائِزَةِ الْأَمْرِ فِي مَالِهَا بِالْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَالْحُرِّيَّةِ.
الْخِلَافُ فِي طَلَاقِ الْمُخْتَلِعَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْمُخْتَلِعَةِ فَقَالَ إذَا طَلُقَتْ فِي الْعِدَّةِ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ فَسَأَلْته هَلْ يَرْوِي فِي قَوْلِهِ خَبَرًا؟ فَذَكَر حَدِيثًا لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ فَقُلْت هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَك غَيْرُ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ عِنْدَك لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ قَالَ فَمَا حُجَّتُك فِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهَا؟ قُلْت حُجَّتِي فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَثَرِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهَا قَالَ وَأَيْنَ الْحُجَّةُ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قُلْت قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute