للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمْ حِينَ هَدَمَ هَذَا الْبَيْتَ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ يُشْبِهُ هَذَا أَنَّ الْمَلْفُوفَ بِالثَّوْبِ وَالْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْبَيْتِ فَهَدَمَهُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْحَيَاةِ حَتَّى يُعْلَمَ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَهْدِمَ الْبَيْتَ عَلَيْهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ أَقَرَّ فَقَالَ ضَرَبْته فَقَطَعْته وَهَدَمْت الْبَيْتَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهُمْ مَوْتَى أَوْ ضَرَبْت فَمَ هَذَا الرَّجُلِ وَأَسْنَانُهُ سَاقِطَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ مَا قَالَ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ضَرَبَ هَذَا الرَّجُلَ ضَرْبَةً أَثْبَتْنَاهَا فَلَمْ يَبْرَأْ جُرْحُهَا حَتَّى مَاتَ الْمَضْرُوبُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ مَاتَ أَوْ يُثْبِتَ الشُّهُودُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ رَأَى الضَّرْبَةَ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ حِينَ ضَرَبَهُ أَوْ يُثْبِتَ الشُّهُودُ الَّذِينَ رَأَوْا الضَّرْبَةَ أَوْ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الضَّرْبَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ لَازِمًا لِلْفِرَاشِ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا وَاحِدٌ حَلَفَ الْجَانِي مَا مَاتَ مِنْهَا وَضَمِنَ أَرْشَ الْجُرْحِ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفُوا وَكَانَ لَهُمْ الدِّيَةُ أَوْ الْقِصَاصُ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُ.

تَشَاحِّ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْقِصَاصِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا بِسَيْفٍ وَلَهُ وُلَاةٌ، رِجَالٌ وَنِسَاءٌ تَشَاحَّ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى الْقِصَاصِ فَطَلَبَ كُلُّهُمْ تَوَلِّيَ قَتْلِهِ قِيلَ: لَا يَقْتُلُهُ إلَّا وَاحِدٌ فَإِنْ سَلَّمْتُمُوهُ لِرَجُلٍ مِنْكُمْ وَلِيَ قَتْلَهُ وَإِنْ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ يَقْتُلُهُ خُلِّيَ وَقَتْلَهُ وَإِنْ تَشَاحَحْتُمْ أَقْرَعْنَا بَيْنَكُمْ فَأَيُّكُمْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ خَلَّيْنَاهُ وَقَتْلَهُ وَلَا يُقْرَعُ لِامْرَأَةٍ وَلَا يَدَعُهَا وَقَتْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِتَعْذِيبِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِمْ أَشَلُّ الْيُمْنَى أَوْ ضَعِيفٌ أَوْ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِتَعْذِيبِهِ أُقْرِعَ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ وَلَا يَدَعْ يُعَذِّبُهُ بِالْقَتْلِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِتَعْذِيبِهِ قِيلَ لَهُ: وَكِّلْ مَنْ يَقْتُلُهُ وَلَا يُتْرَكُ وَقَتْلَهُ يُعَذِّبُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ وُلَاتُهُ نِسَاءً لَمْ تَقْتُلْهُ امْرَأَةٌ بِقُرْعَةٍ.

(قَالَ): وَيُنْظَرُ إلَى السَّيْفِ الَّذِي يَقْتُلُهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَارِمًا وَإِلَّا أُعْطِيَ صَارِمًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ الْوَلِيُّ صَحِيحًا فَخَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَكَانَ لَا يُحْسِنُ يَضْرِبُ أُعْطِيَهُ وَلِيَّ غَيْرِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ قَتْلًا وَحَيًّا.

(قَالَ): فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ وُلَاتُهُ الضَّرْبَ أَمَرَ الْوَالِي ضَارِبًا بِضَرْبِ عُنُقِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ ضَرَبَ الْقَاتِلُ ضَرْبَةً فَلَمْ يَمُتْ فِي ضَرْبَةٍ أُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّرْبُ حَتَّى يَمُوتَ بِأَصْرَمِ سَيْفٍ وَأَشَدِّ ضَرْبٍ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ لِلْقَتِيلِ وُلَاةٌ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الْقَتْلِ فَلَمْ يُقْتَلْ الْقَاتِلُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمْ كُفَّ عَنْ قَتْلِهِ حَتَّى يُجْمِعَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَتْلِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يُفِيقَ أَوْ يَمُوتَ فَتَقُومَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ وَسَوَاءٌ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْذَنُ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بَعْدَ الْإِذْنِ فَإِنْ تَفَوَّتَ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي الرَّجُلَيْنِ يُقْتَلُ أَبُوهُمَا فَيُفَوَّتُ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ وَغَرِمَ نَصِيبَ الْمَيِّتِ وَالْمَعْتُوهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْوَلِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي وِلَايَةِ الدَّمِ وَالْقِيَامِ بِالْقِصَاصِ وَعَفْوِ الدَّمِ عَلَى الْمَالِ سَوَاءٌ، وَإِنْ عَفَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فَالْعَفْوُ عَنْ الدَّمِ جَائِزٌ لَا سَبِيلَ مَعَهُ إلَى الْقَوَدِ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ الْمَالِ وَيَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْقَوَدِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا اقْتَرَعَ الْوُلَاةُ فَخَرَجَتْ قُرْعَةُ أَحَدِهِمْ وَهُوَ يَضْعُفُ عَنْ قَتْلِهِ أُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الْبَاقِينَ وَهَكَذَا تُعَادُ أَبَدًا حَتَّى تَخْرُجَ عَلَى مَنْ يَقْوَى عَلَى قَتْلِهِ.

تَعَدِّي الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ فِي الْقَتْلِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ضَرْبَةً فَمَاتَ مِنْهَا فَخُلِّيَ الْوَلِيُّ وَقَتْلَهُ فَقَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>