وَالْعِمَامَةُ، وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يُغَطِّي مَوْضِعَ السُّجُودِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا مَاسَّ شَيْءٌ مِنْ مُسْتَوَى جَبْهَتِهِ الْأَرْضَ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ بِهِ السُّجُودُ، وَإِنْ كَرِهْت لَهُ أَنْ يَدَعَ أَنْ يَمَاسَّ بِجَبْهَتِهِ كُلِّهَا، وَأَنْفِهِ الْأَرْضَ سَاجِدًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كَفَّيْهِ مِنْ السِّلَاحِ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ تُبَاشِرَ كَفَّاهُ الْأَرْضَ، وَأُحِبُّ إنْ فَعَلَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةً، وَلَا أَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ فِي رُكْبَتَيْهِ، وَلَا أَكْرَهُ لَهُ مِنْهُ فِي قَدَمَيْهِ مَا أَكْرَهُ لَهُ فِي كَفَّيْهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ صَلَّى، وَفِي ثِيَابِهِ أَوْ سِلَاحِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ، وَمَتَى قُلْت أَبَدًا يُعِيدُ أَعَادَ بَعْدَ زَمَانٍ، وَفِي قُرْبِ الْإِعَادَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍّ، وَهَكَذَا إنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ ثُمَّ اتَّضَحَ عَلَيْهِ دَمٌ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَهَا فَصَلَّى مِنْ الصَّلَاةِ شَيْئًا إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَهَا، وَلَمْ يَطْرَحْ مَا مَسَّهُ دَمٌ مَكَانَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ طَرَحَ الثَّوْبَ عَنْهُ سَاعَةَ مَاسَّهُ الدَّمُ، وَمَضَى فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَحَرَّفَ فَغَسَلَ الدَّمَ عَنْهُ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَأَمَرْتُهُ بِأَنْ يُعِيدَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قِيلَ: يُجْزِيهِ أَنْ يَغْسِلَ الدَّمَ ثُمَّ يَبْنِيَ، وَلَا آمُرُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَآمُرهُ بِالْإِعَادَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّ الدَّمَ أَصَابَ بَعْضَ سِلَاحِهِ أَوْ ثِيَابِهِ وَلَا يَعْلَمُ تَأَخَّرَ، وَتَرَكَ الَّذِي يَرَى أَنَّ الدَّمَ أَصَابَهُ، وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ، وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ فَعَلَ فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ أَوْ سِلَاحٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُطَهِّرْهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ أَعَادَ كُلَّ مَا صَلَّاهَا فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ سَلَبَ مُشْرِكًا سِلَاحًا، أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى الْمُشْرِكَ يَمَسُّ سِلَاحَهُ بِنَجَسٍ مَا كَانَ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِرُؤْيَةٍ، وَلَا خَبَرٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي ذَلِكَ السِّلَاحِ نَجَاسَةً، وَلَوْ غَسَلَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ تَوَقَّى الصَّلَاةَ فِيهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
مَا يَلْبَسُ الْمُحَارِبُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَمَا لَا يَلْبَسُ، وَالشُّهْرَةُ فِي الْحَرْبِ أَنْ يُعَلِّمَ نَفْسَهُ بِعَلَامَةٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ تَوَقَّى الْمُحَارِبُ أَنْ يَلْبَسَ دِيبَاجًا أَوْ قَزًّا ظَاهِرًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ لَبِسَهُ لِيُحْصِنَهُ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ قَدْ يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْحَرْبِ فِيمَا يَحْظُرُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْحَرِيرُ، وَالْقَزُّ، لَيْسَ مِنْ الْأَنْجَاسِ إنَّمَا كُرِهَ تَعَبُّدًا، وَلَوْ صَلَّى فِيهِ رَجُلٌ فِي غَيْرِ حَرْبٍ لَمْ يُعِدْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ فِي نَسْجِ الثَّوْبِ الَّذِي لَا يُحْصِنُ قَزٌّ، وَقُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ فَكَانَ الْقُطْنُ الْغَالِبَ لَمْ أَكْرَهْ لِمُصَلٍّ خَائِفٍ، وَلَا غَيْرِهِ لُبْسَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَزُّ ظَاهِرًا كَرِهْت لِكُلِّ مُصَلٍّ مُحَارِبٍ وَغَيْرِهِ لُبْسَهُ، وَإِنَّمَا كَرِهْتُهُ لِلْمُحَارِبِ لِأَنَّهُ لَا يُحْصِنُ إحْصَانَ ثِيَابِ الْقَزِّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ لَبِسَ رَجُلٌ قَبَاءً مَحْشُوًّا قَزًّا، فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ الْحَشْوَ بَاطِنٌ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ إظْهَارَ الْقَزِّ لِلرِّجَالِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَتْ دِرْعٌ حَدِيدٌ فِي شَيْءٍ مِنْ نَسْجِهَا ذَهَبٌ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا ذَهَبًا كَرِهْت لَهُ لُبْسَهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَهَا لِضَرُورَةٍ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُبْقِيَهَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا دُرُوعَ حَدِيدٍ، وَالْحَدِيدُ أَحْصَنُ، وَلَيْسَ فِي لُبْسِهِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ فَاجَأَتْهُ حَرْبٌ، وَهِيَ عِنْدَهُ فَلَا أَكْرَهُ لَهُ لُبْسَهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ فِي سَيْفِهِ حِلْيَةُ ذَهَبٍ كَرِهْت لَهُ أَنْ لَا يَنْزِعَهَا فَإِنْ فَجَأَتْهُ حَرْبٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَقَلَّدَهُ فَإِذَا انْقَضَتْ أَحْبَبْت لَهُ نَقْضَهُ، وَهَكَذَا هَذَا فِي تُرْسِهِ، وَجَمِيعِ جُنَّتِهِ حَتَّى قَبَائِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ أَزْرَارُ ذَهَبٍ أَوْ زِرُّ ذَهَبٍ كَرِهْتُهُ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ مِنْطَقَتُهُ، وَحَمَائِلُ سَيْفِهِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ جُنَّةٌ أَوْ صَلَاحُ جُنَّةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ خَاتَمُهُ ذَهَبًا لَمْ أَرَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي حَرْبٍ، وَلَا سِلْمٍ بِحَالٍ لِأَنَّ الذَّهَبَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي الْخَاتَمِ جُنَّةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحَيْثُ كَرِهْت لَهُ الذَّهَبَ مُصْمَتًا فِي حَرْبٍ، وَغَيْرِهَا كَرِهْت الذَّهَبَ مُمَوَّهًا بِهِ، وَكَرِهْتُهُ مُخَوَّصًا بِغَيْرِهِ إذَا كَانَ يَظْهَرُ لِلذَّهَبِ لَوْنٌ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلذَّهَبِ لَوْنٌ فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُلْبَسَ، وَلَا أَرَى حَرَجًا فِي أَنْ يَلْبَسَهُ