أَحْبَبْت أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَوِيًا مَعَ الْمَأْمُومِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْمِنْبَرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَكَانَ مَقَامُهُ فِيهَا سِوَاهَا بِالْأَرْضِ مَعَ الْمَأْمُومِينَ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلنَّاسِ وَلَوْ كَانَ أَرْفَعَ مِنْهُمْ، أَوْ أَخْفَضَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَأْمُومُ مِنْ فَوْقِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ، أَوْ يَرَى بَعْضَ مَنْ خَلْفَهُ فَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمُؤَذِّنِينَ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَابَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ كُنْت قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَهُمْ أَحَبَّ ذَلِكَ لَهُمْ لَوْ أَنَّهُمْ هَبَطُوا إلَى الْمَسْجِدِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلِّي فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَوْقِفُ الْمَرْأَةِ إذَا أَمَّتْ النِّسَاءَ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ فَإِنْ قَامَتْ مُتَقَدِّمَةً النِّسَاءَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهَا وَلَا صَلَاتُهُنَّ جَمِيعًا وَهِيَ فِيمَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُنَّ وَلَا يُفْسِدُهَا وَيَجُوزُ لَهُنَّ مِنْ الْمَوَاقِفِ وَلَا يَجُوزُ كَالرِّجَالِ لَا يَخْتَلِفْنَ هُنَّ وَلَا هُمْ.
اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ، أَوْ الْعَتَمَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ فِي بَنِي سَلِمَةَ قَالَ: فَأَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَالَ فَصَلَّى مَعَهُ مُعَاذٌ قَالَ: فَرَجَعَ فَأَمَّ قَوْمَهُ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَقَالُوا لَهُ أَنَافَقْتَ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنِّي آتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك أَخَّرْت الْعِشَاءَ وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَك، ثُمَّ رَجَعَ فَأَمَّنَا فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ تَأَخَّرْت وَصَلَّيْت وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابَ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا وَسُورَةِ كَذَا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اقْرَأْ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} وَنَحْوَهَا» قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْت لِعَمْرٍو إنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَ: لَهُ اقْرَأْ بِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، فَقَالَ عَمْرٌو هُوَ هَذَا، أَوْ نَحْوُهُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا لَهُمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَهِيَ لَهُمْ مَكْتُوبَةٌ» أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي لَهُمْ الْعِشَاءَ وَهِيَ لَهُ نَافِلَةٌ»، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَوْ غَيْرُهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي الْخَوْفِ بِبَطْنِ نَخْلٍ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى فَصَلَّى لَهُمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَالْآخِرَةُ مِنْ هَاتَيْنِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَافِلَةٌ وَلِلْآخَرِينَ فَرِيضَةٌ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكْت الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ تُصَلِّ الظُّهْرَ فَاجْعَلْ الَّتِي أَدْرَكْت مَعَ الْإِمَامِ الظُّهْرَ وَصَلِّ الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ يُخْبِرُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ يُقَالُ ذَلِكَ إذَا أَدْرَكْت الْعَصْرَ وَلَمْ تُصَلِّ الظُّهْرَ فَاجْعَلْ الَّذِي أَدْرَكْت مَعَ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute