جُنَاحٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَفَرَأَيْتُمْ الْحَيَّةَ أَسُمِّيَتْ؟ فَقَدْ زَعَمَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ قُلْت: فَيَرَاهَا كَلْبًا عَقُورًا قَالَ: أَوَتَعْرِفُ الْعَرَبُ أَنَّ الْحَيَّةَ كَلْبٌ عَقُورٌ؟ إنَّمَا الْكَلْبُ عِنْدَهَا السَّبُعُ وَالْكِلَابُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ مُتَقَارِبَةٌ كَخَلْقِ الْكَلْبِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّهَا قَدْ تَضُرُّ فَتُقْتَلُ، قِيلَ غَيْرَ مُكَابِرَةٍ كَمَا زَعَمَ صَاحِبُكُمْ أَنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ فَأَخَافَهُمْ وَهِيَ لَا تَعْدُو مُكَابَرَةً، وَإِنْ ذَهَبْتُمْ إلَى أَنَّهَا تَضُرُّ هَكَذَا فَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُقْتَلَ الزُّنْبُورُ فِي الْإِحْرَامِ وَالزُّنْبُورُ إنَّمَا هُوَ كَالنَّحْلَةِ فَكَيْفَ لَمْ تَأْمُرُوا بِقَتْلِ الزُّنْبُورِ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ عُمَرُ وَأَمَرْتُمْ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ إذْ أَمَرَ بِهَا عُمَرُ؟ مَا أَسْمَعُكُمْ تَأْخُذُونَ مِنْ الْأَحَادِيثِ إلَّا مَا هَوَيْتُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقُلْتُمْ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ الصَّغِيرَةَ وَلَا يَقْتُلُ الْغُرَابَ الصَّغِيرَ وَإِذَا قُلْتُمْ هَذَا فَقَدْ أَبَاحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنَعْتُمُوهُ فَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّمَا أَبَاحَ قَتْلَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَضُرُّ وَالصَّغِيرُ لَا يَضُرُّ فِي حَالِهِ تِلْكَ فَالْفَأْرَةُ الصَّغِيرَةُ لَا تَضُرُّ فِي حَالِهَا تِلْكَ فَلَا بُدَّ أَنْ تُخَالِفُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْغُرَابِ الصَّغِيرِ وَالْفَأْرَةِ الصَّغِيرَةِ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ أَزَعَمْتُمْ أَنَّ الْغُرَابَ يُقْتَلُ لِمَعْنَى ضَرَرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْتَلُ الْعُقَابُ لِأَنَّهَا أَضُرُّ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ: لَا بَلْ الْحَدِيثُ جُمْلَةً لَا الْمَعْنَى، قِيلَ: فَلِمَ لَا يُقْتَلُ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ لِأَنَّهُ غُرَابٌ؟.
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَوْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ قَالَ: يَفْعَلُ وَلَا فِدْيَةَ وَلَا حَرَجَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَدَّمَ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا عَمِلَ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ وَلَا حَرَجَ، فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلنَّاسِ بِمِنًى يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ. .
بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الْبَدَنَةِ
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ هَلْ يَشْتَرِي السَّبْعَةُ جَزُورًا فَيَنْحَرُونَهَا عَنْ هَدْيِ إحْصَارٍ أَوْ تَمَتُّعٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَحَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةٍ وَبَقَرَةً عَنْ سَبْعَةٍ وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتٍ شَتَّى لَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ فَتُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ مُتَمَتِّعِينَ وَمَحْصُورِينَ وَعَنْ كُلِّ سَبْعَةٍ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ إذَا لَمْ يَجِدُوا شَاةً وَسَوَاءٌ اشْتَرَوْهَا وَأَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَلَكُوهَا بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ مِلْكٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ لَوْ وُهِبَتْ لَهُمْ أَوْ مَلَكُوهَا بِوَجْهٍ غَيْرِ الشِّرَاءِ كَانَتْ الْمُشْتَرَاةُ أَوْلَى أَنْ تُجْزِئَ عَنْهُمْ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ: لَا تُذْبَحُ الْبَدَنَةُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ وَلَا الْبَقَرَةُ وَإِنَّمَا يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَإِمَّا أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ لَحْمِهَا فَلَا وَإِنَّمَا سَمِعْنَا لَا يَشْتَرِكُ فِي الْبَدَنَةِ فِي النُّسُكِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَدْ يَجُوزُ أَوْ يُقَالُ لَا يُشْتَرَكُ فِي النُّسُكِ أَنْ يُوجِبَ الرَّجُلُ النَّسِيكَةَ ثُمَّ يُشْرِكُ فِيهَا غَيْرَهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا لِأَحَدٍ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ وَلَا حُجَّةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute