إنَاءٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ضُبِطَتْ صِفَتُهُ فَهُوَ كَالطَّسْتِ وَالْقُمْقُمِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ يَضْبِطُ أَنْ يَكُونَ مَعَ شَرْطِ السَّعَةِ وَزْنٌ كَانَ أَصَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَزْنًا صَحَّ إذَا اشْتَرَطَ سَعَةً كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَبْتَاعَ ثَوْبًا بِصَنْعَةٍ وَشَيْءٍ وَغَيْرِهِ بِصِفَةٍ وَسَعَةٍ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ وَهَذَا شِرَاءُ صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهَا وَتَكُونَ عَلَى مَا وَصَفْت (قَالَ): وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ طَسْتًا مِنْ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ وَرَصَاصٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْلُصَانِ فَيَعْرِفُ قَدْرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَيْسَ هَذَا كَالصِّبْغِ فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ فِي ثَوْبِهِ زِينَةٌ لَا يُغَيِّرُهُ أَنْ تُضْبَطَ صِفَتُهُ وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي نَفْسِ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا اُسْتُصْنِعَ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَ فِي قَلَنْسُوَةٍ مَحْشُوَّةٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضْبِطُ وَزْنَ حَشْوِهَا، وَلَا صِفَتَهُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ بِطَانَتِهَا، وَلَا تُشْتَرَى هَذِهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَهُ فِي خُفَّيْنِ، وَلَا نَعْلَيْنِ مَخْرُوزَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَا يُوصَفَانِ بِطُولٍ، وَلَا عَرْضٍ، وَلَا تُضْبَطُ جُلُودُهُمَا، وَلَا مَا يَدْخُلُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَبْتَاعَ النَّعْلَيْنِ وَالشِّرَاكَيْنِ وَيَسْتَأْجِرَ عَلَى الْحَذْوِ وَعَلَى خَرَّازِ الْخُفَّيْنِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ صِحَافًا أَوْ قِدَاحًا مِنْ نَحْوٍ مَعْرُوفٍ وَبِصِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَقَدْرٍ مَعْرُوفٍ مِنْ الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْعُمْقِ وَالضِّيقِ وَيَشْتَرِطَ أَيَّ عَمَلٍ، وَلَا بَأْسَ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوَارِيرَ وَيَشْتَرِطَ جِنْسَ قَوَارِيرِهَا وَرِقَّتَهُ وَثَخَانَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْقَوَارِيرُ بِوَزْنٍ مَعَ الصِّفَةِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَأَصَحَّ لِلسَّلَفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَمِلَ فَلَمْ يُخْلَطْ بِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يُخْلَطُ بِغَيْرِهِ النَّبْلُ فِيهَا رِيشٌ وَنِصَالٌ وَعَقْبٌ وَرُومَةٌ وَالنِّصَالُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ فَأَكْرَهُ السَّلَفَ فِيهِ، وَلَا أُجِيزُهُ قَالَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ آجُرًّا بِطُولٍ وَعَرْضٍ وَثَخَانَةٍ وَيَشْتَرِطُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ وَثَخَانَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَلَوْ شَرَطَ مَوْزُونًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بَيْعُ صِفَةٍ وَلَيْسَ يُخْلَطُ بِالطِّينِ غَيْرُهُ مِمَّا يَكُونُ الطِّينُ غَيْرَ مَعْرُوفِ الْقَدْرَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ يَخْلِطُهُ الْمَاءَ وَالْمَاءُ مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ وَالنَّارُ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْهُ، وَلَا قَائِمٌ فِيهِ إنَّمَا لَهَا فِيهِ أَثَرُ صَلَاحٍ وَإِنَّمَا بَاعَهُ بِصِفَةٍ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ لَبِنًا عَلَى أَنْ يَطْبُخَهُ فَيُوَفِّيهِ إيَّاهُ آجُرًّا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ مَا يَذْهَبُ فِي طَبْخِهِ مِنْ الْحَطَبِ وَأَنَّهُ قَدْ يَتَلَهْوَجُ وَيَفْسُدُ فَإِنْ أَبْطَلْنَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كُنَّا، قَدْ أَبْطَلْنَا شَيْئًا اسْتَوْجَبَهُ، وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ إيَّاهُ أَلْزَمْنَاهُ بِغَيْرِ مَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ
بَابُ السَّلَفِ يَحِلُّ فَيَأْخُذُ الْمُسَلِّفُ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ وَبَعْضَ سَلَفِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنْ سَلَّفَ ذَهَبًا فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ فَحَلَّ السَّلَفُ قَائِمًا لَهُ طَعَامٌ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ كَمَا يَتْرُكُ سَائِرَ حُقُوقِهِ إذَا شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَعْضَهُ وَأَنْظَرَهُ بِبَعْضٍ، وَإِنْ شَاءَ أَقَالَهُ مِنْهُ كُلِّهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ كُلِّهِ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ لَهُ إذَا اجْتَمَعَا أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَعْضِهِ فَيَكُونُ مَا أَقَالَهُ مِنْهُ كَمَا لَمْ يَتَبَايَعَا فِيهِ، وَمَا لَمْ يُقِلْهُ مِنْهُ كَمَا كَانَ لَازِمًا لَهُ بِصِفَتِهِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَفِ فِي هَذَا وَبَيْنَ طَعَامٍ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ السَّلَفِ، وَقَالَ وَلَكِنْ إنْ حَلَّ لَهُ طَعَامٌ فَقَالَ أُعْطِيك مَكَانَ مَا لَك مِنْ الطَّعَامِ عَلَيَّ طَعَامًا غَيْرَهُ أَوْ عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ».
، وَإِنَّمَا لِهَذَا الْمُسَلِّفِ طَعَامٌ فَإِذَا أَخَذَ غَيْرَهُ بِهِ فَقَدْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَإِذَا أَقَالَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ فَالْإِقَالَةُ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ إنَّمَا هِيَ نَقْضُ بَيْعٍ تَرَاضَيَا بِنَقْضِ الْعُقْدَةِ الْأُولَى الَّتِي وَجَبَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ فِي هَذَا؟ فَالْقِيَاسُ لَمَعْقُولٌ مُكْتَفًى بِهِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ فَهَلْ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute