للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبْتُمْ؟ فَرَوَى عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ شَيْئًا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ لَا يَكُونُ مَهْرٌ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَأَنْتُمْ خَالَفْتُمُوهُ فَقُلْتُمْ: يَكُونُ الصَّدَاقُ رُبْعَ دِينَارٍ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّا اسْتَقْبَحْنَا أَنْ يُبَاحَ الْفَرْجُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ قُلْنَا: أَفَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً بِدِرْهَمٍ يَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ قُلْنَا: فَقَدْ أَبَحْتُمْ فَرْجًا وَزِيَادَةَ رَقَبَةٍ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَجَعَلْتُمُوهَا تُمْلَكُ رَقَبَتُهَا وَيُبَاحُ فَرْجُهَا بِدِرْهَمٍ وَأَقَلَّ وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فَرْجُهَا مَنْكُوحَةً إلَّا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رَأَيْت عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِسَوْدَاءَ فَقِيرَةٍ يَنْكِحُهَا شَرِيفٌ أَلَيْسَتْ بِأَكْثَرَ لِقَدْرِهَا مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِشَرِيفَةٍ غَنِيَّةٍ نَكَحَهَا دَنِيءٌ فَقِيرٌ؟ أَوْ رَأَيْتُمْ وَحِينَ ذَهَبْتُمْ إلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ فَجَعَلْتُمْ الصَّدَاقَ قِيَاسًا عَلَيْهِ أَلَيْسَ الصَّدَاقُ بِالصَّدَاقِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْقَطْعِ؟ فَقَالُوا: الصَّدَاقُ خَبَرٌ وَالْقَطْعُ خَبَرٌ لَا أَنَّ أَحَدَهُمَا قِيَاسٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَكِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْعَدَدِ هَذَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ وَهَذَا يَجُوزُ مَهْرًا فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: لَا يَجُوزُ صَدَاقٌ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَدَاقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدَاقُ بَنَاتِهِ أَلَا يَكُونُ أَقْرَبَ مِنْكُمْ؟ أَوْ قَالَ رَجُلٌ: لَا يَحِلُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَلَا يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الصَّوَابِ مِنْكُمْ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا غَيْرَ مُصِيبٍ وَإِذَا كَانَ لَا يَنْبَغِي هَذَا وَمَا قُلْتُمْ فَلَا يَنْبَغِي فِيهِ إلَّا اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يُصْدِقُ الْمَرْأَةَ صَدَاقَ مِثْلِهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَيَجُوزُ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّهُ.

وَيُصْدِقُ الْمَرْأَةَ عَشَرَةً وَصَدَاقُ مِثْلِهَا آلَافٌ فَيَجُوزُ وَلَا يَكُونُ لَهَا رَدُّ ذَلِكَ كَمَا تَكُونُ الْبُيُوعُ يَجُوزُ فِيهَا التَّغَابُنُ بِرِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِمَ يَكُون هَكَذَا فِيمَا فَوْقَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَكُونُ هَكَذَا فِيمَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَيْسَ إرْخَاءُ السُّتُورِ يُوجِبُ الصَّدَاقَ عِنْدِي لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وَلَا نُوجِبُ الصَّدَاقَ إلَّا بِالْمَسِيسِ قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٍ وَهُوَ مَعْنَى الْقُرْآنِ. .

بَابٌ فِي الرَّضَاعِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ سَهْلَةَ ابْنَة سُهَيْلٍ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِهِنَّ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا: قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ " ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يُرْضَعُ إلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ مَرِضَتْ فَلَمْ تُرْضِعْهُ غَيْرَ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلْ عَلَى عَائِشَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُكْمِلْ لَهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ إلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ فَفَعَلَتْ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَرَوَيْتُمْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>