بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ بِصِفَتِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ فَقَالَ لَهُ غُلَامِي الْبَرْبَرِيُّ، أَوْ غُلَامِي الْحَبَشِيُّ أَوْ نَسَبَهُ إلَى جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ يُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ، وَلَوْ زَادَ فَوَصَفَهُ وَكَانَ لَهُ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ يُسَمَّى بِاسْمِهِ وَتُخَالِفُ صِفَتُهُ صِفَتَهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْرَأْ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ وَالْجَوَابُ فِيهَا عِنْدِي أَنَّهُ إنْ وَافَقَ اسْمُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِغُلَامٍ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ وَجِنْسِهِ وَوَصَفَهُ فَوَجَدْنَا لَهُ غُلَامًا بِذَلِكَ الِاسْمِ وَالْجِنْسِ غَيْرَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِصِفَتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ فِي صِفَتِهِ: أَبْيَضُ طِوَالٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَأَصَبْنَا ذَلِكَ الِاسْمَ وَالْجِنْسَ أَسْوَدَ قَصِيرًا أَسْمَجَ الْوَجْهِ لَمْ نَجْعَلْهُ لَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبَهُ إلَى جِنْسِهِ فَكَانَ لَهُ عَبْدَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَاتَّفَقَ اسْمَاهُمَا وَأَجْنَاسُهُمَا لَا تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا صِفَةٌ، وَلَمْ تُثْبِتْ الشُّهُودُ أَيَّهُمَا أَرَادَ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ إذَا لَمْ يُثْبِتُوا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَهُمَا مَوْقُوفَانِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَصْطَلِحُوا؛ لِأَنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ.
بَابُ الْمَرَضِ الَّذِي تَكُونُ عَطِيَّةُ الْمَرِيضِ فِيهِ جَائِزَةً، أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْمَرَضُ مَرَضَانِ فَكُلُّ مَرَضٍ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْتَ مَخُوفٌ مِنْهُ فَعَطِيَّةُ الْمَرِيضِ فِيهِ إنْ مَاتَ فِي حُكْمِ الْوَصَايَا وَكُلُّ مَرَضٍ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ فَعَطِيَّةُ الْمَرِيضِ فِيهِ كَعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ، فَأَمَّا الْمَرَضُ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْتَ مَخُوفٌ مِنْهُ فَكُلُّ حُمَّى بَدَأَتْ بِصَاحِبِهَا حَتَّى جَهِدَته أَيَّ حُمَّى كَانَتْ، ثُمَّ إذَا تَطَاوَلَتْ فَكُلُّهَا مَخُوفٌ إلَّا الرِّبْعَ فَإِنَّهَا إذَا اسْتَمَرَّتْ بِصَاحِبِهَا رِبْعًا كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهَا أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ فَمَا أَعْطَى الَّذِي اسْتَمَرَّتْ بِهِ حُمَّى الرِّبْعِ، وَهُوَ فِي حُمَّاهُ فَهُوَ كَعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ وَمَا أَعْطَى مَنْ بِهِ حُمَّى غَيْرُ رِبْعٍ فَعَطِيَّةُ مَرِيضٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الرِّبْعِ غَيْرُهَا مِنْ الْأَوْجَاعِ وَكَانَ ذَلِكَ الْوَجَعُ مَخُوفًا فَعَطِيَّتُهُ كَعَطِيَّةِ الْمَرِيضِ مَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْبِرْسَامِ وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْخَاصِرَةِ وَالْقُولَنْجِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا انْفَرَدَ فَهُوَ مَرَضٌ مَخُوفٌ، وَإِذَا ابْتَدَأَ الْبَطْنُ بِالرَّجُلِ فَأَصَابَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يَأْتِي فِيهِ دَمٌ، وَلَا شَيْءٌ غَيْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْخَلَاءِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا، فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ حَتَّى يُعَجِّلَهُ، أَوْ يَمْنَعَهُ نَوْمًا، أَوْ يَكُونَ مُنْخَرِقًا فَهُوَ مَخُوفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute