بَابُ الزَّكَاةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِيمَا فِي يَدَيْهِ حَتَّى يُخْرِجَ دَيْنَهُ فَيُزَكِّيهِ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ الزَّكَاةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَلَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ كَانَ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّى مِمَّا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ (قَالَ الرَّبِيعُ): آخِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَتْ فِي يَدَيْهِ أَلْفٌ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ (قَالَ الرَّبِيعُ): مِنْ قِبَلِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ إنْ تَلِفَ كَانَ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا فَلَمَّا كَانَتْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا مَالًا مِنْ مَالِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} كَانَتْ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: زَكَاةُ الدَّيْنِ عَلَى الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: بَلْ هِيَ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ لَهُ إذَا خَرَجَ كَذَلِكَ بَلَغْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهَذَا يَأْخُذُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَإِنْ كَانَ حَالًّا وَقَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي يَدَيْ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَتَرَكَهُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ كَمَالٍ لَهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ سَيُفْلِسُ لَهُ بِهِ أَوْ كَانَ مُتَغَيِّبًا عَنْهُ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا طَلَبَهُ مِنْهُ بِأَلَحِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَضَّ فِي يَدَيْهِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى فِي يَدَيْهِ مِنْ السِّنِينَ فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهَكَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مُتَغَيِّبًا عَنْهُ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ أَرْضٌ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا عُشْرٌ لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِ فِيهَا الْعُشْرُ مَعَ الْخَرَاجِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا زَرَعَ الرَّجُلُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَعَلَيْهِ فِي زَرْعِهَا الْعُشْرُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي زَرْعِ أَرْضٍ لِرَجُلٍ تَكَارَاهَا مِنْهُ، وَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ،.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أُخْرِجَتْ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالذُّرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الْغَلَّةِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ حُزْمَةً مِنْ بَقْلٍ وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عُشْرٌ إلَّا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالثَّمَرِ وَالزَّبِيبِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ الْعُشْرُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا وَالْوَسْقُ عِنْدَنَا سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ مَخْتُومٌ بِالْحَجَّاجِي وَهُوَ رُبْعٌ بِالْهَاشِمِيِّ الْكَبِيرِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ فِي الْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ عُشْرٌ وَلَا أَرَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عُشْرًا إلَّا الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالْحُبُوبَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا زَرَعَ الرَّجُلُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخْرِجَ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِمَّا أَخْرَجَتْ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ فِيمَا اُقْتِيتَ وَيَبِسَ وَادُّخِرَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحُبُوبِ الَّتِي فِي هَذَا الْمَعْنَى الَّتِي يُنْبِتُ النَّاسُ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ بَقَرَةً وَأَظُنُّهُ حَدَّثَهُ أَبُو حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute