كَانَ صُبَّ فِيهِ مِسْكٌ أَوْ ذَرِيرَةٌ أَوْ شَيْءٌ يَنْمَاعُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ مِنْهُ فَظَهَرَ فِيهِ رِيحٌ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ مَخُوضٌ بِهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ مَاءُ مِسْكٍ مَخُوضَةٍ، وَذَرِيرَةٍ مَخُوضَةٍ وَهَكَذَا كُلُّ مَا أُلْقِيَ فِيهِ مِنْ الْمَأْكُولِ مِنْ سَوِيقٍ أَوْ دَقِيقٍ وَمَرَقٍ وَغَيْرِهِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ الطَّعْمُ وَالرِّيحُ مِمَّا يَخْتَلِطُ فِيهِ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ مَنْسُوبٌ إلَى مَا خَالَطَهُ مِنْهُ.
فَصْلٌ الْجُنُبُ وَغَيْرُهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْقَدَحِ، وَهُوَ الْفَرْقُ وَكُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إنَّ الرِّجَالَ، وَالنِّسَاءَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمِيعًا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ فَرُبَّمَا قُلْت لَهُ أَبْقِ لِي أَبْقِ لِي»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) رُوِيَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ الْقَاسِمِ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنَابَةِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِفَضْلِ الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ وَعَائِشَةَ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنَابَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ صَاحِبِهِ، وَلَيْسَتْ الْحَيْضَةُ فِي الْيَدِ وَلَيْسَ يَنْجُسُ الْمُؤْمِنُ إنَّمَا هُوَ تَعَبُّدٌ بِأَنْ يُمَاسَّ الْمَاءَ فِي بَعْضِ حَالَتِهِ دُونَ بَعْضٍ.
مَاءُ النَّصْرَانِيِّ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ نَصْرَانِيَّةٍ فِي جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْمُشْرِكِ وَبِفَضْلِ وُضُوئِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ نَجَاسَةً؛ لِأَنَّ لِلْمَاءِ طَهَارَةً عِنْدَ مَنْ كَانَ وَحَيْثُ كَانَ حَتَّى تُعْلَمَ نَجَاسَةٌ خَالَطَتْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute