الْخِلَافُ فِي الْقَسْمِ فِي السَّفَرِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي السَّفَرِ وَقَالَ: هُوَ وَالْحَضَرُ سَوَاءٌ وَإِذَا أَقْرَعَ فَخَرَجَ وَاحِدَةٌ ثُمَّ قَدِمَ قَسَمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ بِمِثْلِ مَا غَابَ بِاَلَّتِي خَرَجَ بِهَا فَقُلْت لَهُ أَيَكُونُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَخْرُجَ بِامْرَأَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ فَيُقِيمَ مَعَهَا أَيَّامًا ثُمَّ يَقْسِمَ لِلنِّسْوَةِ سِوَاهَا بِعَدَدِ تِلْكَ الْأَيَّامِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت لَهُ فَمَا مَعْنَى الْقُرْعَةُ إذَا أَوْفَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِثْلَ عَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي غَابَ بِاَلَّتِي خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا وَكَانَ لَهُ إخْرَاجُهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ أَنْتَ رَجُلٌ خَالَفْت الْحَدِيثَ فَأَرَدْت التَّشْبِيهَ عَلَى مَنْ سَمِعَك بِخِلَافِهِ فَلَمْ يَخْفَ خِلَافُك عَلَيْنَا وَلَا أَرَاهُ يَخْفَى عَلَى عَالِمٍ؟ قَالَ فَرِّقْ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ قُلْت فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَوَضْعِ الصَّوْمِ فِيهِ إلَى أَنْ يَقْضِيَ وَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ فَصَلَّى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ رَاكِبًا وَجَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَرَخَّصَ اللَّهُ فِيهِ فِي التَّيَمُّمِ بَدَلًا مِنْ الْمَاءِ أَفَرَأَيْت لَوْ عَارَضَك مُعَارِضٌ فِي الْقِبْلَةِ فَقَالَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْبَيْتِ وَالنَّافِلَةُ وَالْفَرْضُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَك بِالْأَرْضِ مُسَافِرًا كَانَ صَاحِبُهَا أَوْ مُقِيمًا فَكَيْفَ قُلْت لِلرَّاكِبِ صَلِّ إنْ شِئْت إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ قَالَ أَقُولُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ قُلْت فَنَقُولُ لَك فَلَا قَوْلَ وَلَا قِيَاسَ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا قُلْت وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِثْلِهِ قَالَ لَا وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جَاهِلٍ قُلْنَا فَكَيْفَ كَانَ هَذَا مِنْك فِي الْقُرْعَةِ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ إنِّي قُلْت لَعَلَّهُ قَسَمَ؟ قُلْت فَإِنْ قَالَ لَك قَائِلٌ فَلَعَلَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الْمَشْرِقِ فِي السَّفَرِ قَالَهُ فِي سَفَرٍ إذَا اسْتَقْبَلَ فِيهِ الْمَشْرِقَ فَكَانَتْ قِبْلَتَهُ قَالَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَهُوَ لَا يَقُولُ صَلَّى نَحْوَ الْمَشْرِقِ إلَّا وَهُوَ خِلَافُ الْقِبْلَةِ قُلْت فَهُوَ إذَا أَقْرَعَ لَمْ يَقْسِمْ بِعَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي غَابَ بِاَلَّتِي خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا.
نُشُوزُ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} إلَى قَوْلِهِ {سَبِيلا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} يَحْتَمِلُ إذَا رَأَى الدَّلَالَاتِ فِي إيغَالِ الْمَرْأَةِ وَإِقْبَالِهَا عَلَى النُّشُوزِ فَكَانَ لِلْخَوْفِ مَوْضِعٌ أَنْ يَعِظَهَا فَإِنْ أَبْدَتْ نُشُوزًا هَجَرَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ ضَرَبَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْعِظَةَ مُبَاحَةٌ قَبْلَ الْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ إذَا رُئِيَتْ أَسْبَابُهُ وَأَنْ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا عَلَيْهَا تَضْرِبُهَا وَأَنَّ الْعِظَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ مِنْ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ فَكَيْفَ لِامْرَأَتِهِ؟ وَالْهِجْرَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِمَا يَحِلُّ بِهِ الْهِجْرَةُ لِأَنَّ الْهِجْرَة مُحَرَّمَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالضَّرْبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَيَانِ الْفِعْلِ فَالْآيَةُ فِي الْعِظَةِ وَالْهِجْرَةِ وَالضَّرْبِ عَلَى بَيَانِ الْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَالَاتِ الْمَرْأَةِ فِي اخْتِلَافِ مَا تُعَاتَبُ فِيهِ وَتُعَاقَبُ مِنْ الْعِظَةِ وَالْهِجْرَة وَالضَّرْبِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ فَلَا يُشْبِهُ مَعْنَاهَا إلَّا مَا وَصَفْت (قَالَ الشَّافِعِيُّ): رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} إذَا نَشَزْنَ فَخِفْتُمْ لِحَاجَتِهِنَّ فِي النُّشُوزِ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ جَمْعُ الْعِظَةِ وَالْهِجْرَةِ وَالضَّرْبِ (قَالَ): وَإِذَا رَجَعَتْ النَّاشِزُ عَنْ النُّشُوزِ لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا هَجْرَتُهَا وَلَا ضَرْبُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَا لَهُ بِالنُّشُوزِ فَإِذَا زَايَلَتْهُ فَقَدْ زَايَلَتْ الْمَعْنَى الَّذِي أُبِيحَا لَهُ بِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُقْسَمُ لِلْمَرْأَةِ الْمُمْتَنِعَةِ مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَغَيِّبَةِ عَنْهُ بِإِذْنِ اللَّهِ لِزَوْجِهَا بِهِجْرَتِهَا فِي الْمَضْجَعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute