اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَأَصَابَهَا ثُمَّ أَتَيَانَا مَعًا مُسْلِمَيْنِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنَّا مُشْرِكَيْنِ فَأَسْلَمْت قَبْلَهُ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْمُتَأَخِّرُ مِنَّا وَقَالَ الزَّوْجُ مَا كُنَّا قَطُّ إلَّا مُسْلِمَيْنِ أَوْ قَالَ كُنَّا مُشْرِكَيْنِ فَأَسْلَمْنَا مَعًا، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ حَتَّى أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنَّا فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَلَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ عَلَى إفْسَادِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا يَتَصَادَقَانِ عَلَى عَقْدِهِ وَتَدَّعِي الْمَرْأَةُ فَسْخَهُ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُدَّعِي فَسْخَهُ لَزِمَهُ فَسْخُهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ لَوْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَحْلِفُ وَتَأْخُذُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً وَرَجُلًا كَافِرَيْنِ أَتَيَانَا مُسْلِمَيْنِ فَتَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ فِي الْكُفْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَوْ تَنَاكَرَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى نِكَاحٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنَّاكِحِ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا لِلنِّكَاحِ ثُمَّ تَكُونُ زَوْجَتَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَنَاكَحَ الزَّوْجَانِ الْمُشْرِكَانِ بِصَدَاقٍ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْكِحَ بِهِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَأَسْلَمَا فَالْمَهْرُ لِلْمَرْأَةِ مَا كَانَ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ فَقَدْ اسْتَوْفَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ تَنَاكَرَا فِيهِ فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ قَبَضْته وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَهَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ انْفَسَخَ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ فَاسِدًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُحَرَّمًا مِثْلَ الْخَمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَمْ تَقْبِضْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ قَبَضَتْهُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْطِيَ خَمْرًا وَلَا لِمُسْلِمٍ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ قَبَضَتْهُ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقَدْ مَضَى وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} فَأَبْطَلَ مَا أَدْرَكَ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الرِّبَا فَإِنْ كَانَ أَرْطَالَ خَمْرٍ فَأَخَذَتْ نِصْفَهُ فِي الشِّرْكِ وَبَقِيَ نِصْفُهُ أَخَذَتْ مِنْهُ نِصْفَ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ الثُّلُثَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ رَجَعَتْ بَعْدَهُ بِمَا يَبْقَى مِنْهُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخْذُ الْخَمْرِ فِي الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ يُعْطِيهِ مُشْرِكًا أَوْ الْمُشْرِكُ يُعْطِيهِ مُسْلِمًا وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ أَهْرَاقَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَعُودَ خَلًّا مِنْ غَيْرِ صَنْعَةِ آدَمِيٍّ فَيَرُدَّ الْخَلَّ إلَى دَافِعِهِ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ صَارَتْ خَلًّا وَتَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ صَارَتْ خَلًّا مِنْ صَنْعَةِ آدَمِيٍّ أَهْرَاقَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلَا رَدُّهَا وَتَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ فِي أَيِّ دَارٍ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا لَا يَخْتَلِفُ فِي حَرْفٍ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ مَعْنَى مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الزَّوْجَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ أَنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ إذَا أَسْلَمَ آخِرُهُمَا إسْلَامًا قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَوَجَدْت فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إثْبَاتَ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الشِّرْكِ وَعَقْدُ نِكَاحِ الْإِسْلَامِ ثَابِتٌ وَوَجَدْت فِي حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَحْرِيمَ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَحْرِيمَ الْمُشْرِكَاتِ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ عَلَى الْمُسْلِمِين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute