شَهِدَتْ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْقُرْعَةِ جَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَرَدَّ الَّذِي لَيْسَتْ بِيَدَيْهِ بِنِصْفِ عُقْرِهَا، وَنِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهَا يَوْمَ سَقَطُوا، وَنِصْفِ قِيمَتِهَا، وَجَعَلَهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْآخَرِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ جَعَلْت لَهَا الْعُقْرَ، وَالْوَاطِئُ لَمْ يَطَأْهَا عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ نِكَاحٍ؟ قِيلَ لَوْ كُنْت لَا أَجْعَلُ الْعُقْرَ إلَّا عَلَى وَاطِئٍ نَكَحَ نِكَاحًا صَحِيحًا أَوْ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَزِمَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهُ نَاكِحٌ لِلَّتِي وَطِئَ زَعَمْت أَنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ نَكَحَا أُخْتَيْنِ فَأُخْطِئَ بِامْرَأَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَأَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُقْرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصِيبَيْنِ غَيْرُ نَاكِحٍ لِلَّتِي أَصَابَ نِكَاحًا صَحِيحًا، وَلَا نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَهْرُ بِالْأَثَرِ اسْتَدْلَلْنَا بِالْأَثَرِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ حَيْثُ يَكُونُ الْحَدُّ عَنْهَا سَاقِطًا بِأَنْ لَا تَكُونَ زَانِيَةً، وَمِمَّا فِي هَذَا الْمَعْنَى الرَّجُلُ يَغْصِبُ الْمَرْأَةَ فَيُصِيبُهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِ لَهَا الْمَهْرُ، وَمَا قُلْت هَذَا أَنَّ فِيهِ أَثَرًا عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ، وَلَا إجْمَاعًا، وَلَكِنِّي وَجَدْت الْمَهْرَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَرْأَةِ فَلَمَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِهَذَا الْجِمَاعِ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَانِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ زَانِيًا جَعَلْت لَهَا الْمَهْرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَفَ حَالًا مِنْ الْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَالْوَاطِئَ غَيْرُ زَانِيَيْنِ، وَوَاطِئُ الْمَغْصُوبَةِ زَانٍ فَلَمَّا حَكَمْت فِي الْمُخْطَأِ بِهَا وَالْمَغْصُوبَةِ هَذَا الْحُكْمَ، وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَتْ الْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ مُسْتَوِيَتَيْنِ حَيْثُمَا وَجَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ وَجَبَ لِلْأُخْرَى لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} لَمْ تَحِلَّ أَمَةٌ وَلَا حُرَّةٌ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِصَدَاقٍ فَإِذَا كَانَتَا مُجْتَمَعَتَيْنِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ ثُمَّ جَعَلْنَا الْخَطَأَ فِي الْحُرَّةِ، وَالِاغْتِصَابَ بِصَدَاقٍ كَمَا جَعَلْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ فَكَذَلِكَ الْأَمَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُوَ قِيَاسٌ عَلَى مَا جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْنَهُ فِي الْمَهْرِ.
بَابُ دَعْوَى الْوَلَدِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا تَدَاعَى الْحُرُّ وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمَانِ، وَالذِّمِّيُّ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ مَوْلُودًا وُجِدَ لَقِيطًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ فِيمَا تَدَاعَوْا فِيهِ مِمَّا يَمْلِكُونَ فَتَرَاهُ الْقَافَةُ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِأَحَدِهِمْ فَهُوَ ابْنُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَلَا لِلْمَوْلُودِ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْهُ بِحَالٍ أَبَدًا، وَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَافَةُ بِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَافَةٌ أَوْ كَانَتْ فَلَمْ تَعْرِفْ لَمْ يَكُنْ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إلَى أَيِّهِمْ شَاءَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ انْقَطَعَتْ دَعْوَى الْآخَرِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَهُوَ حُرٌّ فِي كُلِّ حَالَاتِهِ بِأَيِّهِمْ لَحِقَ لِأَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ حُرًّا إذَا غَابَ عَنَّا مَعْنَاهُ لِأَنَّ أَصْلَ النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُمْ غَيْرُ أَحْرَارٍ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ قَالَ هُوَ ابْنِي مِنْ أَمَةٍ نَكَحْتهَا لَمْ يَكُنْ بِهَذَا رَقِيقًا لِرَبِّ الْأَمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الْأُمَّةَ وَلَدَتْهُ، وَلَا يُجْعَلُ إقْرَارُ غَيْرِهِ لَازِمًا لَهُ، وَيَكْفِي الْقَائِفُ الْوَاحِدُ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُ حُكْمٍ بِعِلْمٍ لَا مَوْضِعُ شَهَادَةٍ، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّهَادَاتِ مَا أَجَزْنَا غَيْرَ اثْنَيْنِ، وَلَا أَجَزْنَا شَهَادَةَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى مَا لَمْ يَحْضُرَا، وَلَمْ يَرَيَا، وَلَكِنَّهُ كَاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ الْعَالِمِ يُنْفِذُهُ كَمَا يُنْفِذُ هَذَا، وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ثَانٍ، وَلَا يَقْبَلُ الْقَائِفَ الْوَاحِدَ حَتَّى يَكُونَ أَمِينًا، وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى يَكُونُوا أُمَنَاءَ أَوْ بَعْضَهُمْ فَإِذَا أَحْضَرْنَا الْقَائِفَ وَالْمُتَدَاعِيَيْنِ لِلْوَلَدِ أَوْ ذَوِي أَرْحَامِهِمْ إنْ كَانَ الْمُدَّعُونَ لَهُ مَوْتَى أَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُدَّعِينَ لَهُ مَيِّتًا فَأَحْضَرْنَا ذَوِي رَحِمِهِ أَحْضَرْنَا احْتِيَاطًا أَقْرَبَ النَّاسِ نَسَبًا، وَشَبَهًا فِي الْخَلْقِ، وَالسِّنِّ، وَالْبَلَدِ بِالْمُدَّعِينَ لَهُ ثُمَّ فَرَّقْنَا بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مِنْهُمْ ثُمَّ أَمَرْنَا الْقَائِفَ يُلْحِقُهُ بِأَبِيهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ بِأَبِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ أُمٌّ أَحْضَرْنَا لَهَا نَسَبًا فِي الْقُرْبِ مِنْهَا كَمَا وَصَفْت ثُمَّ بَدَأْنَا فَأَمَرْنَا الْقَائِفَ أَنْ يُلْحِقَهُ بِأُمِّهِ لِأَنَّ لِلْقَائِفِ فِي الْأُمِّ مَعْنًى، وَلِكَيْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى صَوَابِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute