فَكَانَ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ قَلِيلًا، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا حُكْمًا يُرَى فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَرَأَيْت قَلِيلَ مَالِ الْآدَمِيِّينَ وَكَثِيرَهُ سَوَاءً يَقْضِي بِأَدَائِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ غَصْبًا، أَوْ تَعَدِّيًا أَوْ اسْتَهْلَكَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَوَجَدْت رُبُعَ دِينَارٍ قَلِيلًا، وَقَدْ يُقْطَعُ فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَوَجَدْت مِائَتِي دِرْهَمٍ قَلِيلًا، وَفِيهَا زَكَاةٌ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ قَلِيلًا فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ قَلِيلٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كَثِيرٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْكَثِيرِ حَدٌّ يُعْرَفُ وَكَانَ اسْمُ الْكَثِيرِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ كَانَ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَيًّا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِقَلِيلِ مَالِهِ أَوْ كَثِيرِهِ كَانَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَمَتَى لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا، وَلَمْ يُحْدِدْهُ فَذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنِّي لَا أُعْطِيهِ بِالشَّكِّ، وَلَا أُعْطِيه إلَّا بِالْيَقِينِ.
بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى بِغَيْرِ عَيْنِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ فَقَالَ: أَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِي أَعْطَوْهُ أَيَّ عَبْدٍ شَاءُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْطَوْهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي أَوْ بَعِيرًا مِنْ إبِلِي، أَوْ حِمَارًا مِنْ حَمِيرِي، أَوْ بَغْلًا مِنْ بِغَالِي أَعْطَاهُ الْوَرَثَةُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءُوا مِمَّا سَمَّاهُ، وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ أَحَدَ رَقِيقِي، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِي، أَوْ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَعْطَوْهُ أَيَّ رَأْسٍ شَاءُوا مِنْ رَقِيقِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا مَعِيبًا أَوْ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي أَعْطَوْهُ أَيَّ دَابَّةٍ شَاءُوا أُنْثَى، أَوْ ذَكَرًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، وَكَذَلِكَ يُعْطُونَهُ صَغِيرًا مِنْ الرَّقِيقِ إنْ شَاءُوا، أَوْ كَبِيرًا، وَلَوْ أَوْصَى فَقَالَ: أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي، أَوْ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي فَمَاتَ مِنْ رَقِيقِهِ رَأْسٌ، أَوْ مِنْ دَابَّةٍ فَقَالَ الْوَرَثَةُ هَذَا الَّذِي أَوْصَى لَك بِهِ وَأَنْكَرَ الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ، فَقَدْ ثَبَتَ لِلْمُوصِي لَهُ عَبْدًا، أَوْ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِهِ فَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءُوا وَلَيْسَ عَلَيْهِ مَا مَاتَ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَهَلَكَ مِنْ مَالِهِ مِائَةُ دِينَارٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْسِبَ عَلَيْهِ مَا حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَشِيئَةَ فِيمَا يَقْطَعُ بِهِ إلَيْهِمْ فَلَا يَبْرَءُونَ حَتَّى يُعْطُوهُ إلَّا أَنْ يَهْلَكَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَيَكُونُ كَهَلَاكِ عَبْدٍ أَوْصَى لَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ مِمَّا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ دَوَابَّ، أَوْ رَقِيقٍ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّقِيقُ، أَوْ الدَّوَابُّ أَوْ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ كُلُّهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى لَا يَمْلِكُهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ قَالَ: الْمُوصِي أَعْطُوا فُلَانًا شَاةً مِنْ غَنَمِي، أَوْ بَعِيرًا مِنْ إبِلِي أَوْ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِي، أَوْ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى إضَافَةً إلَى مِلْكِهِ لَا يَمْلِكُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ وَلَهُ هَذَا الصِّنْفُ فَهَلَكَ، أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ وَلَهُ مِنْ صِنْف مَا أَوْصَى فِيهِ شَيْءٌ فَمَاتَ ذَلِكَ الصِّنْفُ إلَّا وَاحِدًا كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ لِلْمُوصَى لَهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ مَاتَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ لَهُ بِذَهَابِهِ، وَلَوْ تَصَادَقُوا عَلَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ اسْتَهْلَكَهُ الْوَرَثَةُ وَقَالَ: الْوَرَثَةُ بَلْ هَلَكَ مِنْ السَّمَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا قِيلَ لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ مَا شِئْتُمْ مِمَّا يَكُونُ مِثْلَهُ ثَمَنًا لِأَقَلِّ الصِّنْفِ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِهِ قَوْلُكُمْ إذَا جِئْتُمْ بِشَيْءٍ يَحْتَمِلُ وَاحْلِفُوا لَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ ثَمَنًا كَانَ مَبْلَغُ ثَمَنِهِ كَذَا، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَارِثٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute