أَشْلَى اسْتَشْلَى وَإِذَا أَخَذَ حَبَسَ وَلَمْ يَأْكُلْ فَإِذَا فَعَلَ هَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَانَ مُعَلَّمًا يَأْكُلُ صَاحِبُهُ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَ مَا لَمْ يَأْكُلْ فَإِذَا أَكَلَ فَقَدْ قِيلَ يُخْرِجُهُ هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا وَامْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الصَّيْدِ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ لِأَنَّ الْكَلْبَ أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ صَاحِبُ الْكَلْبِ أَكَلَ مِنْ صَيْدِ غَيْرِ مُعَلَّمٍ وَيَحْتَمِلُ الْقِيَاسُ أَنْ يَأْكُلَ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا صَارَ مُعَلَّمًا صَارَ قَتْلُهُ ذَكَاةً فَأَكَلَ مَا لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ مَا كَانَ ذَكِيًّا كَمَا لَوْ كَانَ مَذْبُوحًا فَأَكَلَ مِنْهُ كَلْبٌ لَمْ يَحْرُمْ وَطَرَحَ مَا حَوْلَ مَا أَكَلَ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا تَرَكْنَا هَذَا لِلْأَثَرِ الَّذِي ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول «فَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ثَبَتَ الْخَبَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ لِشَيْءٍ وَإِذَا قُلْنَا هَذَا فِي الْمُعَلَّمِ مِنْ الْكِلَابِ فَأَخَذَ الْمُعَلَّمُ فَحَبَسَ بِلَا أَكْلٍ فَذَلِكَ يَحِلُّ وَإِنْ قَتَلَهُ يَقُومُ مَقَامَ الذَّكَاةِ فَإِنْ حَبَسَ وَأَكَلَ فَذَلِكَ مَوْضِعُ تَرْكٍ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا فَصَارَ كَهُوَ عَلَى الِابْتِدَاءِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَمَا كَانَ لَا يَحِلُّ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَهَذَا وَجْهٌ يَحْتَمِلُهُ الْقِيَاسُ وَيَصِحُّ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ مُتَأَوِّلًا لَوْ ذَهَبَ فَقَالَ إنَّ الْكَلْبَ إذَا كَانَ نَجِسًا فَأَكَلَ مِنْ شَيْءٍ رَطْبٍ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَجْرِي بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ نَجَّسَهُ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ حَتَّى يَكُونَ آكِلًا وَالْحَيَاةُ فِيهِ وَالدَّمُ بِالرُّوحِ يَدُورُ فِيهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَدُورُ فِيهِ دَمٌ وَإِنَّمَا يُنَجِّسُ حِينَئِذٍ مَوْضِعَ مَا أَكَلَ مِنْهُ وَمَا قَارَبَهُ قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَلَوْ نَجَّسَهُ كُلَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيَعْصِرَهُ كَمَا يَغْسِلُ الثَّوْبَ وَيَعْصِرُ فَيَطْهُرُ وَيَغْسِلُ الْجِلْدَ فَيَطْهُرُ فَتَذْهَبُ نَجَاسَتُهُ وَكَذَلِكَ تَذْهَبُ نَجَاسَةُ اللَّحْمِ فَيَأْكُلُهُ.
بَابُ صَيْدِ كُلِّ مَا صِيدَ بِهِ مِنْ وَحْشٍ أَوْ طَيْرٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتَعْلِيمُ الْفَهْدِ وَكُلِّ دَابَّةٍ عُلِّمَتْ كَتَعْلِيمِ الْكَلْبِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرَ أَنَّ الْكَلْبَ أَنْجَسُهَا وَلَا نَجَاسَةَ فِي حَيٍّ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَتَعْلِيمُ الطَّائِرِ كُلُّهُ وَاحِدٌ الْبَازِي وَالصَّقْرُ وَالشَّاهِينِ وَالْعُقَابُ وَغَيْرُهَا وَهُوَ أَنْ يُجْمَعَ أَنْ يُدْعَى فَيُجِيبَ وَيُسْتَشْلَى فَيَطِيرَ وَيَأْخُذَ فَيَحْبِسَ فَإِذَا فَعَلْت هَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَهِيَ مُعَلَّمَةٌ يُؤْكَلُ مَا أَخَذَتْ وَقَتَلَتْ فَإِنْ أَكَلَتْ فَالْقِيَاسُ فِيهَا كَهُوَ فِي الْكَلْبِ، زَعَمَ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ مَا قَتَلَتْ وَإِنْ أَكَلَتْ وَزَعَمَ إنَّهُ إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ لَا يُؤْكَلُ وَزَعَمَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ أَنَّ الْكَلْبَ يَضْرِبُ وَالْبَازِي لَا يَضْرِبُ فَإِذَا زَعَمَ أَنَّهَا تَفْتَرِقُ فِي هَذَا فَكَيْفَ زَعَمَ أَنَّ الْبَازِيَ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ حَتَّى يَكُونَ يُدْعَى فَيُجِيبَ وَيُسْتَشْلَى فَيَطِيرَ وَأَنَّهُ لَوْ طَارَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يُؤْكَلْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا؟ أَفَرَأَيْت إذَا اسْتَجَازَ فِي مُعَلَّمَيْنِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا هَلْ كَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا كَهِيَ عَلَيْهِ؟
بَابُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ إرْسَالِ مَا يَصْطَادُ بِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَرْسَلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ أَوْ طَائِرَهُ الْمُعَلَّمَيْنِ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُسَمِّيَ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ نَاسِيًا فَقَتَلَ أَكَلَ لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَ قَتْلُهُمَا كَالذَّكَاةِ فَهُوَ لَوْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي الذَّبِيحَةِ أَكَلَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ نَسِيَ وَكَذَلِكَ مَا أَصَبْت بِشَيْءٍ مِنْ سِلَاحِك الَّذِي يَمُورُ فِي الصَّيْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute