للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْنَعَهُ شَيْئًا مِمَّا لَا يَمْنَعُهُ الْمُسْلِمَ إلَّا بِخَبَرٍ قُلْت فَقَدْ مَنَعَهُ الصَّلَاةَ بِلَا خَبَرٍ وَقَالَ إذَا قَتَلَ الْعَادِلُ أَخَاهُ وَأَخُوهُ بَاغٍ وَرِثَهُ لِأَنَّ لَهُ قَتْلَهُ وَإِذَا قَتَلَهُ أَخُوهُ لَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ فَقُلْت لَهُ فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَخَاهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ مَالِهِ وَلَا مِنْ دَيْنِهِ إنْ أَخَذْت مِنْهُ شَيْئًا وَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ لِيَرِثَ مَالَهُ وَرَوَى هَذَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ يَرْفَعُهُ فَقُلْت حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَقُلْت إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ» هَذَا عَلَى مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْقَتْلِ أَيُّمَا كَانَ تَعَمَّدَ الْقَتْلَ أَوْ مَرْفُوعًا عَنْهُ الْإِثْمُ بِأَنْ عَمَدَ غَرَضًا فَأَصَابَ إنْسَانًا فَكَيْفَ لَمْ يَقُلْ بِهَذَا فِي الْقَتِيلِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْعَدْلِ فَيَقُولُ كُلُّ مَنْ يَلْزَمُهُ اسْمُ قَاتِلٍ فَلَا يَرِثُ كَمَا احْتَجَجْت عَلَيْنَا؟ وَأَنْتَ أَيْضًا تُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْقَتْلِ فَتَقُولُ لَا أُقِيدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَالِمًا لِأَنَّ كُلًّا مُتَأَوِّلٌ قَالَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا قَالَ نُقَاتِلُ أَهْلَ الْبَغْيِ وَلَا يُدْعَوْنَ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ وَقَالَ حُجَّتُنَا فِيهِ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ جَازَ أَنْ يُقَاتَلَ وَلَا يُدْعَى فَقُلْت لَهُ لَوْ قَاسَ غَيْرُك أَهْلَ الْبَغْيِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ كُنْت شَبِيهًا بِالْخُرُوجِ إلَى الْإِسْرَافِ فِي تَضْعِيفِهِ كَمَا رَأَيْتُك تَفْعَلُ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا قَالَ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ؟.

قُلْت أَرَأَيْت أَهْلَ الْبَغْيِ إذَا أَظْهَرُوا إرَادَةَ الْخُرُوجِ عَلَيْنَا وَالْبَرَاءَةَ مِنَّا وَاعْتَزَلُوا جَمَاعَتَنَا أَتَقْتُلُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ؟ قَالَ لَا فَقُلْت وَلَا نَأْخُذُ لَهُمْ مَالًا وَلَا نَسْبِي لَهُمْ ذُرِّيَّةً؟ قَالَ لَا قُلْت أَفَرَأَيْت أَهْلَ الْحَرْبِ إذَا كَانُوا فِي دِيَارِهِمْ لَا يَهُمُّونَ بِنَا وَلَا يُعَرِّضُونَ بِذِكْرِنَا أَهْلَ قُوَّةٍ عَلَى حَرْبِنَا فَتَرَكُوهَا أَوْ ضَعُفَ عَنْهَا فَلَمْ يَذْكُرُوهَا أَيَحِلُّ لَنَا أَنْ نُقَاتِلَهُمْ نِيَامًا كَانُوا أَوْ مُوَلِّينَ وَمَرْضَى وَنَأْخُذَ مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ وَسَبْيِ نِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ وَرِجَالِهِمْ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَمَا يَحِلُّ مِنْهُمْ مُقَاتِلِينَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ مِثْلُ مَا يَحِلُّ مِنْهُمْ تَارِكِينَ لِلْحَرْبِ غَافِلِينَ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَأَهْلُ الْبَغْيِ مُقْبِلِينَ يُقَاتَلُونَ وَيُتْرَكُونَ مُوَلِّينَ فَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ مَالٌ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَرَاهُمْ يُشْبِهُونَهُمْ، قَالَ إنَّهُمْ لَيُفَارِقُونَهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ قُلْت بَلْ فِي أَكْثَرِهَا أَوْ كُلِّهَا قَالَ فَمَا مَعْنَى دَعْوَتِهِمْ؟ قُلْت قَدْ يَطْلُبُونَ الْأَمْرَ بِبَعْضِ الْخَوْفِ وَالْإِرْعَادِ فَيَجْتَمِعُونَ وَيَعْتَقِدُونَ وَيَسْأَلُونَ عَزْلَ الْعَامِلِ وَيَذْكُرُونَ جَوْرَهُ أَوْ رَدَّ مَظْلِمَتِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَيُنَاظِرُونَ فَإِنْ كَانَ مَا طَلَبُوا حَقًّا أُعْطُوهُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا أُقِيمَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَإِنْ تَفَرَّقُوا قَبْلَ هَذَا تَفَرُّقًا لَا يَعُودُونَ لَهُ فَذَاكَ وَإِنْ أَبَوْا إلَّا الْقِتَالَ قُوتِلُوا وَقَدْ اجْتَمَعُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَلَّمَهُمْ فَتَفَرَّقُوا بِلَا حَرْبٍ وَقُلْت لَهُ وَإِذَا كَانُوا عِنْدَنَا وَعِنْدَك إذَا قَاتَلُوا فَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ ثُمَّ وَلَّوْا لَمْ يُقْتَلُوا مُوَلِّينَ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ مَعَ عِظَمِ الْجِنَايَةِ فَكَيْفَ تُبَيِّتُهُمْ فَتَقْتُلُهُمْ قَبْلَ قِتَالِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ وَقَدْ يُمْكِنُ فِيهِمْ الرُّجُوعُ بِلَا سَفْكِ دَمٍ وَلَا مُؤْنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْكَلَامِ وَرَدِّ مَظْلِمَةٍ إنْ كَانَتْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ رَدُّهَا إذَا عَلِمَهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا.

الْأَمَانُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ بَعْضُ النَّاسِ يَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَإِنْ أَمَّنَ أَهْلَ بَغْيٍ أَوْ حَرْبٍ وَكَانَ يُقَاتِلُ أَجَزْنَا أَمَانَهُ كَمَا نُجِيزُ أَمَانَ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ لَمْ نُجِزْ أَمَانَهُ، فَقُلْت لَهُ لِمَ فَرَّقْت بَيْنَ الْعَبْدِ يُقَاتِلُ وَلَا يُقَاتِلُ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» فَقُلْت لَهُ هَذِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْك، قَالَ وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْت إنْ زَعَمْت أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>