للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ وَالْحُكْمُ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُبَايِنٌ لِهَذَا قَدْ يَحِلُّ دَمُ الزَّانِي مِنْهُمْ وَالْقَاتِلُ وَلَا يَحِلُّ مِنْ مَالِهِمَا شَيْءٌ وَذَلِكَ لِجِنَايَتِهِمَا وَلَا جِنَايَةَ عَلَى أَمْوَالِهِمَا وَالْبَاغِي أَخَفُّ حَالًا مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يُقَالُ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْقَاتِلِ هَذَا مُبَاحُ الدَّمِ مُطْلَقًا لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِ وَلَا يُقَالُ لِلْبَاغِي مُبَاحُ الدَّمِ إنَّمَا يُقَالُ عَلَى الْبَاغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْبَغْيِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ بِالْكَلَامِ أَوْ كَانَ بَاغِيًا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مُقَاتِلٍ لَمْ يَحِلَّ قِتَالُهُ وَإِنْ يُقَاتِلْ فَلَمْ يَخْلُصْ إلَى دَمِهِ حَتَّى يَصِيرَ فِي غَيْرِ مَعْنَى قِتَالٍ بِتَوْلِيَةٍ أَوْ أَنْ يَصِيرَ جَرِيحًا أَوْ مُلْقِيًا لِلسِّلَاحِ أَوْ أَسِيرًا لَمْ يَحِلَّ دَمُهُ فَقَالَ هَذَا الَّذِي إذَا كَانَ هَكَذَا حُرِّمَ أَوْ مِثْلُ حَالِ الزَّانِي وَالْقَاتِلُ مُحَرَّمُ الْمَالِ قَالَ مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا هَذَا وَمَا فَوْقَ هَذَا حُجَّةٌ؟ فَقُلْت هَلْ الَّذِي حَمِدْت حُجَّةً عَلَيْك؟ قَالَ إنِّي إنَّمَا آخُذُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِي وَأَوْهَنُ لَهُمْ مَا كَانُوا يُقَاتِلُونَ فَقُلْت فَهَلْ يَعْدُو مَا أَخَذْت مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَنْ تَأْخُذَ مَالَ قَتِيلٍ قَدْ صَارَ مِلْكُهُ لِطِفْلٍ أَوْ كَبِيرٍ لَمْ يُقَاتِلْك قَطُّ فَتَقْوَى بِمَالِ غَائِبٍ عَنْك غَيْرِ بَاغٍ عَلَى بَاغٍ يُقَاتِلُك غَيْرُهُ أَوْ مَالِ جَرِيحٍ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ مُوَلٍّ قَدْ صَارُوا فِي غَيْرِ مَعْنَى أَهْلِ الْبَغْيِ الَّذِينَ يَحِلُّ قِتَالُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ أَوْ مَالُ رَجُلٍ يُقَاتِلُك يَحِلُّ لَك دَفْعُهُ وَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا جِنَايَةَ عَلَى مَالِهِ أَوْ رَأَيْت لَوْ سَبَى أَهْلُ الْبَغْيِ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا نَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ لِنَسْتَنْقِذَهُمْ فَنُعْطِيَهُمْ بِاسْتِنْقَاذِهِمْ خَيْرًا مِمَّا نَسْتَمْتِعُ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟.

قَالَ لَا قُلْت وَقَلِيلُ الِاسْتِمْتَاعِ بِأَمْوَالِ النَّاسِ مُحَرَّمٌ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا أَحَلَّ لَك الِاسْتِمْتَاعَ بِأَمْوَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ ثُمَّ اسْتَمْتَعْت بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ دُونَ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ، وَالْمَالُ غَيْرُهُمَا؟ قَالَ فَمَا فِيهِ قِيَاسٌ وَمَا الْقِيَاسُ فِيهِ إلَّا مَا قُلْت وَلَكِنِّي قُلْته خَبَرًا قُلْت وَمَا الْخَبَرُ؟ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غَنِمَ مَا فِي عَسْكَرِ مَنْ قَاتَلَهُ فَقُلْت لَهُ قَدْ رَوَيْتُمْ أَنَّ عَلِيًّا عَرَّفَ وَرَثَةَ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ حَتَّى تَغَيُّبَ قِدْرٍ أَوْ مِرْجَلٍ أَفَسَارَ عَلَى عَلِيٍّ بِسِيرَتَيْنِ إحْدَاهُمَا غَنِمَ وَالْأُخْرَى لَمْ يَغْنَمْ فِيهَا؟ قَالَ لَا وَلَكِنَّ أَحَدَ الْحَدِيثَيْنِ وَهْمٌ قُلْت فَأَيُّهُمَا الْوَهْمُ؟ قَالَ مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْت مَا أَعْرِفُ مِنْهُمَا وَاحِدًا ثَابِتًا عَنْهُ فَإِنْ عَرَفْت الثَّابِتَ فَقُلْ بِمَا يَثْبُتُ عَنْهُ قَالَ مَالُهُ أَنْ يَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ قُلْت أَلِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مُحَبَّةٌ؟ قَالَ نَعَمْ فَقُلْت فَقَدْ خَالَفْت الْحَدِيثَيْنِ عَنْهُ وَأَنْتَ لَا تَغْنَمُ وَقَدْ زَعَمْت أَنَّهُ غَنِمَ وَلَا تَتْرُكُ وَقَدْ زَعَمْت أَنَّهُ تَرَكَ قَالَ إنَّمَا اسْتَمْتَعَ بِهَا فِي حَالٍ قُلْت فَالْمَحْظُورُ يُسْتَمْتَعُ بِهِ فِيمَا سِوَى هَذَا؟ قَالَ لَا قُلْت أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْئَانِ مَحْظُورَانِ فَيُسْتَمْتَعُ بِأَحَدِهِمَا وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْآخَرِ بِلَا خَبَرٍ؟ قَالَ لَا قُلْت فَقَدْ أَجَزْته.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت لَهُمْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ تُقَوِّيَك عَلَيْهِمْ أَتَأْخُذُهَا؟ قَالَ لَا قُلْت فَقَدْ تَرَكْت مَا هُوَ أَشَدُّ لَك عَلَيْهِمْ تَقْوِيَةً مِنْ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ قَالَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى قَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ فَقُلْت لَهُ وَلِمَ؟ وَصَاحِبُك يُصَلِّي عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي حَدٍّ وَالْمَقْتُولُ فِي حَدٍّ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِك قَتْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ وَالْبَاغِي يَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِك قَتْلُهُ مُوَلِّيًا وَرَاجِعًا عَنْ الْبَغْيِ فَإِذَا تَرَكَ صَاحِبُك الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا قَتْلُهُ أَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ؟ قَالَ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ ليتنكل غَيْرُهُ عَنْ مِثْلِ مَا صَنَعَ قُلْت أَوْ يُعَاقِبُهُ صَاحِبُك بِمَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِهِ؟ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَلْيَصْلُبْهُ أَوْ لِيُحَرِّقْهُ فَهُوَ أَشَدُّ فِي الْعُقُوبَةِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ يَجُزَّ رَأْسَهُ فَيَبْعَثْ بِهِ؟ قَالَ لَا يَفْعَلُ بِهِ مِنْ هَذَا شَيْئًا قُلْت وَهَلْ يُبَالِي مَنْ قَاتَلَك عَلَى أَنَّك كَافِرٌ أَنْ لَا تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى صَلَاتَك لَا تُقَرِّبُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ وَقُلْت صَاحِبُك لَوْ غَنِمَ مَالَ الْبَاغِي كَانَ أَبْلَغَ فِي تَنْكِيلِ النَّاسِ حَتَّى لَا يَصْنَعُوا مِثْلَ مَا صَنَعَ الْبَاغِي قَالَ مَا يُنَكِّلُ أَحَدٌ بِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَكِّلَ بِهِ قُلْت فَقَدْ فَعَلْت وَقُلْتُ لَهُ أَتَمْنَعُ الْبَاغِيَ أَنْ تُجُوِّزَ شَهَادَتُهُ أَوْ يُنَاكِحَ أَوْ يُوَارِثُ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ لَا قُلْت قَالَ فَكَيْفَ مَنَعْته الصَّلَاةَ وَحْدَهَا؟ أَبِخَبَرٍ؟ لَا قُلْت فَإِنْ قَالَ لَك قَائِلٌ أُصَلِّي عَلَيْهِ وَأَمْنَعُهُ أَنْ يُنَاكِحَ أَوْ يُوَارِثُ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>