للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا كَمَا أَخَذَهُ بِأَنْ يَقُولَ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَالِمًا مِنْ الْفَسَادِ وَقِيمَتِهِ فَاسِدًا.

(قَالَ): وَلَوْ كَسَرَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَفَاسِدًا مَا كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَكْسُورًا. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ طَعْمُهُ مِنْ ثُقْبِهِ صَحِيحًا لَيْسَ كَالْجَوْزِ لَا يَصِلُ إلَى طَعْمِهِ مِنْ نَقْبِهِ وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَيْهِ رِيحُهُ لَا طَعْمُهُ صَحِيحًا فَأَمَّا الدُّودُ فَلَا يُعْرَفُ بِالْمُذَاقَةِ فَإِذَا كَسَرَهُ وَوَجَدَ الدُّودَ كَانَ لَهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ رَدُّهُ، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي الرُّجُوعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ هَذَا شَيْئًا رَطْبًا مِنْ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ فَحَبَسَهُ حَتَّى ضَمُرَ وَتَغَيَّرَ وَفَسَدَ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَاسِدًا بِمَرَارَةٍ أَوْ دُودٍ كَانَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فَسَادُهُ مِنْ شَيْءٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي فَسَادِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْبَيْضِ يُقِيمُ عِنْدَ الرَّجُلِ زَمَانًا ثُمَّ يَجِدُهُ فَاسِدًا وَفَسَادُ الْبَيْضِ يَحْدُثُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قُلْت لِلشَّافِعِيِّ إنَّ عَلِيَّ بْنَ مَعْبِدٍ رَوَى لَنَا حَدِيثًا عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ بَيْعَ الْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ إذَا ابْيَضَّ»، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ قُلْنَا بِهِ فَكَانَ الْخَاصُّ مُسْتَخْرَجًا مِنْ الْعَامِّ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»، وَبَيْعُ الْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَى، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الدَّارِ وَالْأَسَاسِ لَا يُرَى، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الصُّبْرَةِ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَجَزْنَا ذَلِكَ كَمَا أَجَازَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ هَذَا خَاصًّا مُسْتَخْرَجًا مِنْ عَامٍّ وَكَذَلِكَ نُجِيزُ بَيْعَ الْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ إذَا ابْيَضَّ إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ كَمَا أَجَزْنَا بَيْعَ الدَّارِ وَالصُّبْرَةِ.

بَابُ بَيْعِ الْقَصَبِ وَالْقِرْطِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَصَبِ لَا يُبَاعُ إلَّا جِزَّةً أَوْ قَالَ صِرْمَةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْقُرْطُ إلَّا جِزَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ بُلُوغِ الْجِزَازِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُهُ فِي جِزَازِهِ عِنْدَ ابْتِيَاعِهِ فَلَا يُؤَخِّرُهُ مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ جِزَازُهُ فِيهِ مِنْ يَوْمِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ اشْتَرَاهُ ثَابِتًا عَلَى أَنْ يَدَعَهُ أَيَّامًا لِيَطُولَ أَوْ يَغْلَطَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَكَانَ يَزِيدُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ فَلَا خَيْرَ فِي الشِّرَاءِ، وَالشِّرَاءُ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لِلْبَائِعِ وَفَرْعَهُ الظَّاهِرَ لِلْمُشْتَرِي.

فَإِنْ كَانَ يَطُولُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَى مَالِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ فَيَمْلِكُهُ كُنْت قَدْ أَعْطَيْت الْمُشْتَرِيَ مَا لَمْ يَشْتَرِ، وَأَخَذْت مِنْ الْبَائِعِ مَا لَمْ يَبِعْ مِنْهُ أَعْطَيْته مِنْهُ شَيْئًا مَجْهُولًا - لَا يُرَى بِعَيْنٍ وَلَا يُضْبَطُ بِصِفَةٍ وَلَا يَتَمَيَّزُ مَا لِلْبَائِعِ فِيهِ مِمَّا لِلْمُشْتَرِي فَيَفْسُدُ مِنْ وُجُوهٍ.

(قَالَ): وَلَوْ اشْتَرَاهُ لِيَقْطَعَهُ فَتَرَكَهُ وَقَطْعُهُ لَهُ مُمْكِنٌ مُدَّةً يَطُولُ فِي مِثْلِهَا كَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا إذَا كَانَ عَلَى مَا شُرِطَ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَنْ يَدَعَهُ لِمَا وَصَفْت مِمَّا اخْتَلَطَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً جُزَافًا وَشَرَطَ لَهُ أَنَّهَا إنْ انْهَالَ لَهُ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ فَانْهَالَتْ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يَبِعْهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَى لَا يَتَمَيَّزُ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ مِمَّا لَمْ يَشْتَرِ فَيُعْطِي مَا اشْتَرَى وَيَمْنَعُ مَا لَمْ يَشْتَرِ، وَهُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَائِعُ شَيْءٍ قَدْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>